ومنهم الحبر البحر " عبد الله بن عباس "، ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وترجمان القرآن، ببركة دعاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له حيث قال:" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ". وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، أنبأنا وكيع، أنبأنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله ـ يعنى ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. ثم رواه عن يحيى بن داود، عن إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح أبى الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس. ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك، فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة، وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستاً وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟ وقال الأعمش، عن أبى وائل: استخلف على عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة ـ وفى رواية سورة النورـ ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا.
الإسرائيليات:
ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين: ابن مسعود وابن عباس، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قال:" بلغوا عنى ولو آية، وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك، ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
" أحدها " ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.