ولكن ما كنت أعرف أحداً سبق محمد بن جرير الطبري إلى هذا في مجال التفسير كعلم مستقل، مع أن الطبري عاش في القرن الثالث وتوفى أوائل الرابع" ٢٢٤: ٣١٠ " غير إني عندما قرأت كتاب " التفسير ورجاله " لعالم تونس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وجدته يتحدث عن تفسير يحيى بن سلام. وأورد هنا ما كتبه ذلك العالم الفاضل ليستفيد القارئ كما استفدت، وحتى تكون الحلقة متصلة عندما نأتى للحديث عن تفسير الطبري.
منهج التفسير في النصف الثاني من القرن الثاني:
تحدث الشيخ عن منهج التفسير في النصف الثاني من القرن الثاني الهجرى فقال:
كانت أول التفاسير ظهوراً في النصف الثاني من القرن الثاني بعد كتاب عبد الملك بن جريج ـ التفاسير المتوخيه طريقة جمع الأقوال ـ بحسب ما انتهى إلى مؤلفيها من طرق الإسناد.
وقد اقتضى ذلك لا محالة اشتمال الكتاب الواحد، في الآية الواحدة على أخبار متخالفة، وآثار متفاوتة الدرجات من حيث مظنة الثبوت لقوة الأسانيد وضعفها. فتطلب ذلك رجوعاً إلى تلك الأخبار بالنقض والتمحيص، ليوضع منها ما يوضع على بساط الطرح والتزييف، ويثبت منها ما يثبت على مدرجة الاعتماد والتحصيل.
لا سيما وقد انتهى الكثير منها إلى المؤلفين متبعاً لتعاليق نقدية اتصلت بها وصارت ذيولا لها، منذ أن كانت متناقلة بالطريق الشفهى، قبل أن تدخل حيز التدوين.
فأصبح موقف المؤلفين حيال تلك الأخبار، مثل موقف مصنفى السنة من مختلف الحديث، وموقف الفقهاء من متعارض فتاوى فقهاء الصحابة والتابعين، موقفاً يستدعى إدخال عناصر جديدة من المعارف المتصلة بتوضيح البحث، ثم