للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاني صفة {الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ... } ، كأنه كان يرى أن معنى الذين قرأوا ذلك نصباً: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ... } إلا المغضوبَ عليهم ـ الذين لم تنعم عليهم في أديانهم ولم تهدهم للحق ـ فلا تجعلنا منهم. وكما قال نابعة بنى ذبيان:

وقفت فيها أصيلا لا أسائلها ... عيت جواباً، وما بالربع من أحد

إلا أوارى لأياً ما أبينها ... والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد

والأوارى معلوم أنها ليست من عداد " أحد " في شىء. فكذلك عنده، استثنى {غَيرِ المَغضوبِ عَلَيهِمْ} من {الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ... } ، وإن لم يكونوا من معانيهم في الدين في شىء.

وأما نحويو الكوفيين، فأنكروا هذا التأويل واستخفوه. وزعموا أن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة، لكان خطأ أن يقال {وَلاَ الضَّالِّينَ} ، لأن " لا " نفى وجحد، ولا يعطف بجحد إلا على جحد. وقالوا: لم نجد في شىء من كلام العرب استثناء يعطف عليه بجحد، وإنما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء وبالجحد على الجحد، فيقولون في الاستثناء: قام القوم إلا أخاك وإلا أباك. وفى الجحد: ما قام أخوك ولا أبوك. وأما: قام القوم إلا أباك ولا أخاك. فلم نجده في كلام العرب. قالوا: فلما كان ذلك معدوماً من كلام العرب، وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله، علمنا ـ إذ كان قوله {وَلاَ الضَّالِّينَ} معطوفا على قوله {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ} ـ أن {غَيرِ} بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء، وأن تأويل من وجهها إلى الاستثناء خطأ.

فهذه أوجه تأويل {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ} ، باختلاف أوجه إعراب ذلك.

<<  <   >  >>