والإقرار بأنه من عند الواحد القهار. مع ما يحوى، مع ذلك، من المعاني التي هي ترغيب وترهيب. وأمرٌ وزجرٌ، وقصص وجدل ومثل، وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء.
فمهما يكن فيه من إطالة، على نحو ما في أم القرآن، فلما وصفت قبل من أن الله جل ذكره أراد أن يجمع ـ برصفه العجيب ونظمه الغريب، المنعدل عن أوزان الأشعار وسجع الكهان وخطب الخطباء ورسائل البلغاء، العاجز عن رصف مثله جميع الأنام، وعن نظم نظيره كل العباد ـ الدلاله على نبوة نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبما فيه من تحميد وتمجيد وثناء عليه ـ تنبيه العباد على عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مملكته، ليذكروه بآلائه، ويحمدوه على نعمائه، فيستحقوا به منه المزيد، ويستوجبوا عليه الثواب الجزيل؛ وبما فيه من نعت من أنعم عليه بمعرفته، وتفضل عليه بتوفيقه لطاعته ـ تعريف عباده أن كل ما بهم من نعمة، في دينهم ودنياهم، فمنه، ليصرفوا رغبتهم إليه، ويبتغوا حاجاتهم من عنده دون ما سواه من الآلهة والأمداد؛ وبما فيه من ذكره ما أحل بمن عصاه من مَثُلاته، وأنزل بمن خالف أمره من عقوبته ـ ترهيب عباده عن ركوب معاصيه، والتعرض لما لا قبل لهم به من سخطه، فيسلك بهم في النكال والنقمات سبيل من ركب ذلك من الهُلاك.
فذلك وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن، وفيما كان نظيراً لها من سائر سور الفرقان. وذلك هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة.
٢٢١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربى، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنى العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبى السائب مولى زهره، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا قال العبد: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، قال الله:" حمدنى عبدى ". وإذا قال:{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ... } ، قال:" أثنى علىّ عبدى ". وإذا قال:{مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قال:" مجدنى عبدى. فهذا لي "