للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخبر عن النعمة التي أنعمها عليهم، حيث أشار إلى اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض، واستدل ببيتين، ثم قال:

والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى.

ويتضح أيضاً في بيانه لقراءة " غير "، وذكره للخلاف بين أهل البصرة وبعض نحويى الكوفة في القول بإلغاء " لا ".

ومما يسترعى الانتباه أنه بعد أن ذكر جواز نصب كلمة " غير "، رفض القراءة بالنصب قائلا:

" وإن كنت للقراءة بها كارها لشذوذها عن قراءة القراء. وإن ما شذ من القراءات عما جاءت به الأمة نقلا ظاهرا مستفيضا، فرأى للحق مخالف، وعن سبيل الله وسبيل رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متجانف. وإن كان له ـ لو كان جائزا القراءة به ـ في الصواب مخرج ́

وقول الطبري يؤيد التزامه بالقيد الذي ذكره في هذا الوجه الثالث، حيث اشترط لقبول التأويل ألا يخرج عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.

ويؤيد هذا أيضا قوله في تأويل قول الله {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} (١) .

حيث قال: قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} يأتيه الرفع من وجهين، والنصب من وجهين.

وبعد أن بين الأوجه الأربعة قال: " والقراءة التي هي القراءة، الرفع دون النصب، لأنه ليس لأحد خلاف رسوم مصاحف المسلمين. وإذا قرئ نصبا كانت قراءة مخالفة رسم مصاحفهم " (٢) .


(١) ١٨: سورة البقرة.
(٢) تفسير الطبري بتحقيق شاكر ١ / ٣٣٠.

<<  <   >  >>