للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخرون هي التينة. ذكر من قال ذلك ".

وذكر خبرا واحدا، ثم عقب بقوله:

" والقول في ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه أخبر عباده أن آدم وزوجه أكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن الأكل منها، فأتيا الخطيئة التي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها، بعد أن بين الله جل ثناؤه لهما عين الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها، وأشار لهما إليها بقوله: {وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} ، ولم يضع الله جل ثناؤه لعباده المخاطبين بالقرآن، دلالةً على أي أشجار الجنة كان نهيه آدم أن يقربها، بنص عليها باسمها، ولا بدلالة عليها. ولو كان لله في العلم بأى ذلك من أي رضا، لم يخل عباده من نصب دلالة لهم عليها يصلون بها إلى معرفة عينها، ليطيعوه بعلمهم بها، كما فعل ذلك في كل ما بالعلم به له رضا.

فالصواب في ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه، فأكلا منها كما وصفهما الله جل ثناؤه به ولا علم عندنا بأى شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا في السنة الصحيحة. فأنى يأتى ذلك؟ وقد قيل: كانت شجرة البر، وقيل: كانت شجرة العنب وقيل: كانت شجرة التين، وجائز أن تكون واحدة منها، وذلك علم، إذا علم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به " ا. هـ.

هذا كلام الطبري وهو يؤكد ما ذكره في منهجه.

وهذا يتصل بوجهين من أوجه التأويل الثلاثة التي ذكرها، وهما:

الوجه الأول: الذي لا سبيل إلى الوصول إليه.

والثاني: الذي لا يعلم إلا ببيان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أما الوجه الثالث، وهو ما كان علمه عند أهل اللسان، فيتضح في تفسيره السابق للآية الأخيرة من فاتحة الكتاب عندما تحدث عما يتصل بمحذوف وهو تمام

<<  <   >  >>