للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويوضح عالم آخر هذا الرأى فيقول: " العام يجوز أن يكون وارداً لبيان حكم ظاهرى صورى لمصلحة اقتضت كتمان الحكم الواقعى، ولو لمصلحة التقية، أو لمصلحة التدرج في بيان الأحكام كما هو معلوم من طريقة النبيصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيان أحكام الشريعة، مع أن الحكم الواقعى التابع للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية إنما هو على طبق الخاص. فإذا جاء الخاص يكون كاشفاً عن الحكم الواقعى، فيكون مبيناً للعام ومخصصاً له، وأما الحكم العام الذي ثبت أولاً، ظاهراً وصورة، إن كان قد ارتفع وانتهى أمره، فإنه إنما ارتفع لارتفاع موضوعه، وليس هو من باب النسخ " (١) .

ثم يعقب على هذا بقوله: " وإذا جاز أن يكون العام وارداً على هذا النحو من بيان الحكم ظاهراً وصورة: فإن ثبت ذلك كان الخاص مخصصاً، أي كان كاشفاً عن الواقع قطعاً. وإن ثبت أنه في حدود بيان الحكم الواقعى للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية، فلا شك في أنه يتعين كون الخاص ناسخاً له. وأما لو دار الأمر بينهما، إذ لم يقم دليل على تعيين أحدهما، فأيهما أرجح في الحمل؟ فنقول الأقرب إلى الصواب هو الحمل على التخصيص " (٢) .

ومع هذا الترجيح فقد رأى غيره أن هذه الحالة لا يجوز حملها إلا على النسخ (٣) .

وكتمان الحكم الواقعى تقية هذا أمر غير معروف عن النبيصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أظن الشيعة يقولون به، فما يجوز لمسلم أن يعتقده، فلعلهم أرادوا التقية بالنسبة للأئمة؛ بمعنى أن الإمام يكتم هذا الحكم، لأنه لو أظهره خشى على نفسه وعلى شيعته،


(١) أصول الفقه المظفر ١ / ١٤٤.
(٢) المرجع السابق ١ / ١٤٤.
(٣) انظر الآراء المختلفة والترجيحات في الحاشية على الكفاية ٢ / ١٩٨: ١٩٩، وفوائد الأصول ٤ / ٢٧٣، وأجود التقريرات ص ٥٠٦: ٥١٢ والبيان ص ٤٢٤: ٤٢٨.

<<  <   >  >>