للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الواضح البين بعد هذا أن ما ذكره الجعفرية بالنسبة للقرآن الناطق- أي الإمام ـ أثر من آثار عقيدتهم في الإمامة، فأقوالهم هنا لا تصح إلا بصحة عقيدتهم حتى يكون للإمام ما للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البيان والتخصيص والتقييد، بل النسخ، وحتى لا ينتهى التدرج بانقطاع الوحى وانتقال صاحب الرسالة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الرفيق الأعلى، وإنما يبقى دور لمن جعلوهم شركاءه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرسالة.

وما ذكره الشيعة هنا ليس مسألة نظرية، وإنما يبين أصول التفسير، والتشريع أيضاً، وسنرى تطبيقاً عملياً لها في كتبهم التي تناولت بالدراسة كتاب الله تعالى، وعند الحديث عن كتبهم سنرى ثلاثة كتب في التفسير ظهرت في القرن الثالث الهجري، وأن هذه الكتب جعلت كتاب الله تعالى أشبه بكتاب من كتب الشيعة، فأكثر الآيات خاصة بالأئمة وولايتهم، وكفر من ينكر هذه الولاية، إلى غير ذلك من الغلو والضلال كما سيتضح، وسنرى هذا في عشرات من كتب التفسير الشيعى الأخرى.

والجعفرية لم يبدأوا التفكير في علم الأصول إلا في القرن الرابع الهجري، ولم يدخل هذا العلم دور التصنيف والتأليف إلا في القرن الخامس (١) . إذا عرفنا هذا أمكن القول بأن ما ذكره الشيعة هنا من علم الأصول إنما كان استنتاجاً من تلك الكتب الثلاثة، أو تبريراً لها، حيث إنها كانت تعتمد على روايات تزعم نسبتها للأئمة.

*****


(١) راجع التصنيف في علم الأصول ص ٥٤ وما بعدها من كتاب المعالم الجديدة للأصول.

<<  <   >  >>