فحرف الواو كما يأتى للجمع قد يأتى للإباحة، فيحتمل أن يكون المتمتع مخيراً بين صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، فمنع هذا الاحتمال بمزيد من البيان ... " تلك عشرة كاملة " ومثل هذه الآية الكريمة ما يعرف في أصول الفقه: بالمحكم أو المفسر إذا كان التفسير من القرآن الكريم نفسه وهو كثير، وما كان قطعى الدلالة لا يحتمل التأويل وهو أكثر.
ثانياً: في الآية الكريمة السابقة الذكر ذكر العمرة والحج، ولكن كيف نؤديهما؟ وفى قوله عز وجل {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} بيان أن الصلاة مفروضة، وأن الزكاة مفروضة ولكن ما عدد الصلوات المفروضة؟ وكيف تؤدى؟ وما مواقيتها؟ إلى غير ذلك مما يتعلق بالصلاة، وكذلك ما يتعلق بالزكاة. كل هذا بينه الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله –ـ عز وجل ـ الذكر بإحكام الفرض وترك للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيان ما أنزل. وهذا أمر واضح جلى لا يحتاج إلى وقفة فلا يستطيع أحد أن ينكره.
ومثل هذا بيان ما كان ظنى الدلالة محتملاً للتأويل: كمطلق يقيد وعام يخصص إلى غير ذلك مما هو معلوم مشهور.
ثالثاً: جاءت السنة المطهرة بما ليس فيه نص من كتاب الله تبارك وتعالى، وبيان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو عن الله تعالى، فقد بين القرآن الكريم وجوب طاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فكل من قبل عن الله فرائضه فى كتابه: قبل عن رسول الله سننه بفرض الله طاعة رسوله على خلقه، وأن ينتهوا إلى حكمه. ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل لما افترض الله من طاعته. فيجمع القبول لما في كتاب الله ولسنة رسول الله القبول لكل واحد منهما عن الله وإن تفرقت فروع الأسباب التي قبل بها عنهما "(١) .