للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهى حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في الكتابة. وقيل: إنما نهى عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ في صحيفة واحدة والله أعلم " (١) .

والأحاديث التي أشار إليها الإمام النووى جاءت بعد حديث النهى عن الكتابة، ومن هنا قيل بالنسخ، ولذلك عندما ورد الحديث في مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذرى عقب الشيخ الألبانى بقوله: " هذا منسوخ بأحاديث كثيرة فيها الأمر بكتابة الحديث النبوى " (٢) . والرامهرمزى الذى ولد في النصف الثانى من القرن الثالث الهجرى، وتوفى سنة ٣٦٠ هـ، تحدث عن التدوين في كتابه المحدث الفاصل بين الراوى والواعى (ص ٣٦٣: ٤٠٢) تحت عنوان " باب الكتاب " وذكر بإسناده ستة أحاديث. أولها عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: لما فتح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن الله تعالى حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلى، وإنما أحلت لى ساعة من نهار، وأنها لا تحل لأحد كان بعدى، لا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يفتدى، وإما أن يقتل فقال العباس: إلا الأذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، فقال: " إلا الأذخر ". فقام أبو شاه - رجل من أهل اليمن - فقال: اكتبه لى يا رسول الله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتبوا لأبى شاه ". قال المديد: قلت للأوزاعى: ما قوله اكتبوا لأبى شاه؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


(١) راجع بيان عدم صحة باقي الأحاديث التي تنهى عن كتابة العلم في كتاب دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للدكتور محمد مصطفى الأعظمى، ص ٧٦، وما بعدها.
(٢) انظر ٢ / ٢٥٢ حديث رقم ١٨٦١، وتعليق الشيخ الألباني، والحافظ المنذرى ذكره في كتاب العلم لا الزهد، واختلف اسم الباب أيضاً.

<<  <   >  >>