كان الواجب إذن أن يزال هذا التوهم، ولا يبقى أى شك أو لبس، ولكن العجيب الغريب أن الأمر زاد واستشرى، طعنا في السنة المشرفة، وتشكيكا في صحتها، والذين تولوا كبره المستشرقون وتلامذتهم الذين اتخذوهم أربابا من دون الله، والجهلة بمكانة السنة المطهرة وحجيتها وعلومها. وقد صنفت كتب عديدة في الرد على هؤلاء الطاعنين. وحتى لا يطول بنا الحديث عن التدوين أكتفى بالإشارة إلى كتاب واحد وبعض ما جاء فيه، وذلك هو " دراسات في الحديث النبوى وتاريخ تدوينه " للدكتور محمد مصطفى الأعظمى، جعل المؤلف الباب الثالث حول كتابة الأحاديث النبوية (ص ٧١: ٨٣) ، وانتهى منه إلى نتيجة وهى أن المسلمين كانت قد أصبحت لديهم إمكانيات واسعة تمكنهم من كتابة الأحاديث النبوية، ولم يكن ثمة عائق خارجى يقف في وجه تقييد العلم.
وجعل عنوان الباب الرابع " تقييد الحديث من عصر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى منتصف القرن الثانى الهجرى على وجه التقريب "، وهذا الباب يقع في مائتين واثنتين وأربعين صفحة (٨٤: ٣٢٥) ، وقسمه إلى أربعة فصول:
الفصل الأول لكتابة الصحابة والكتابة عنهم:
ذكر فيه اثنين وخمسين من الصحابة الذين كتبوا أو كتب عنهم الأحاديث النبوية، ورد على الشبه التي تشكك فيما انتهى إليه، وعلى سبيل المثال ذكر أسماء عشرة كتاب كتبوا عن أبى هريرة، ومنهم همام بن منبه صاحب الصحيفة التي وصلتنا كاملة، وأشرت إليها من قبل، وأربعة عشر كتبوا عن جابر بن عبد الله، وهو نفسه من المؤلفين الأوائل، وتسعة كتبوا عن ابن عباس، أما هو فكانت كتبه حمل بعير، وهكذا.
والفصل الثانى عنوانه:" تابعيو القرن الأول وكتاباتهم والكتابة عنهم "، وأثبت من هؤلاء ثلاثة وخمسين.
والفصل الثالث جعله المؤلف لكتابة صغار التابعين والكتابة عنهم، وذكر من هؤلاء التابعين تسعة وتسعين.