معايب رواة الحديث وناقلى الأخبار، وأفتوا بذلك حين سئلوا، لما فيه من عظيم الخطر، إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتى بتحليل أو تحريم ... إلخ. (١)
وللإمام مسلم في بيان علل الحديث كتاب التمييز:
بين فيه الدواعى إلى الجرح والتعديل، ثم أورد باب ما جاء في الترقى في حمل الحديث وأدائه والتحفظ من الزيادة فيه والنقصان (ص ١٢٧) . وبعد هذا أخذ يبين علل بعض الأخبار والروايات كالخطأ أو الوهم في الإسناد أو المتن، أو فيهما معا، وأشار إلى شىء من التصحيف، وما يدفعه الأخبار الصحاح، ثم قال بعد هذا كله (ص ١٧١) :
" واعلم رحمك الله، أن صناعة الحديث، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة، لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفين بها دون غيرهم، إذ الأصل الذى يعتمدون لأديانهم السنن والآثار المنقولة، من عصر إلى عصر من لدن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عصرنا هذا، فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب، إلى معرفة الحديث ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار، من نقال الأخبار وحمال الآثار.
وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح. وإنما اقتصصنا هذا الكلام لكى ننبه من جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبه على تثبيت الرجال وتضعيفهم فيعرف ما الشواهد عندهم، والدلائل التي بها ثبتوا الناقل للخبر من نقله، أو سقطوا من أسقطوا منهم. والكلام في تفسير ذلك يكثر، وقد شرحناه في مواضع غير هذا، وبالله التوفيق، في كل ما نؤم ونقصد ".
وبعد الإمامين الشافعى ومسلم نأتى إلى الثالث وهو ابن أبى حاتم في كتابه الجرح والتعديل الذى أشرت إليه من قبل، حيث جعل لكتابه مقدمة بدأها ببيان