للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تحدد ما يعتبر من أقوال محمد وما لا يعتبر من أقواله، لأن السند لم يكن معروفا عندهم، فكانت كلمة سنة تعنى الرأى المقبول لدى جمهور علماء المدرسة، ثم نسبوا هذه الأقوال المقبولة لدى المدرسة إلى الصحابة حتى تكون أكثر قبولا، ثم نسبوها بعد ذلك إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١) .

ومعنى هذا أنهم يريدون أن يصلوا في النهاية إلى التشكيك في السنة كلها.

هؤلاء القوم لا يعرفون الإسناد، فكتبهم المقدسة ذاتها بغير إسناد، ولذلك فهى محرفة مزورة، ولكن لا شك أنهم قرءوا عن جمع السنة وتنقيتها، وشروط رجال الحديث، وعرفوا أن الأمة الإسلامية فاقت الخلق جميعا بهذا الإسناد، ولكن ماذا تنتظر من مستشرق يهودى أو صليبى حاقد على الإسلام وأهله، مريد هدمه ما استطاع إلى ذلك سبيلاّ؟

فلا تنتظر من أعداء الإسلام إلا مثل هذه المحاولات. وإن كنا مطمئنين تماما إلى أنهم لن يصلوا إلى ما يريدون، فالله عز وجل لم يترك حفظ القرآن الكريم كما ترك غيره للأحبار والرهبان فضيعوه، وإنما تعهد بحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، كما تعهد ببيانه {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ، ومن تمام حفظ القرآن الكريم حفظ السنة المطهرة، وهى المبينة له.


(١) بين هذا الاتجاه مفصلا الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا في إحدى محاضرات رئاسة المحاكم الشرعية بدولة قطر لعام ١٤٠٥ هـ.

<<  <   >  >>