الوقوف عليه إلى أن يظهر، لأنه لا يجوز موت إمام بلا خلف، فقد صح أنه غاب.
وقالت الفرقة الثانية: إن الحسن بن على مات وعاش بعد موته، وهو القائم المهدى، واعتلوا في ذلك برواية اعتلت بها فرقة من واقفة موسى بن جعفر رووها عن جعفر بن محمد، أنه قال: إنما سمى القائم قائما لأنه يقوم بعدما يموت، فالحسن بن على قد مات ولا شك في موته، ولا خلف له، ولا وصى موجود، فلا شك أنه القائم، وأنه حى بعد الموت، لأن الأرض لا تخلو من حجة ظاهر، فهو رضي الله عنه غائب مستتر، وسيظهر ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وإنما قالوا إنه حى بعد الموت، وأنه مستتر خائف لأنه لا يجوز عندهم أن تخلو الأرض من حجة قائم على ظهرها، عدل حى ظاهر أو خائف مغمور، للخبر الذى روى عن على بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قال في بعض خطبه:" اللهم إنك لا تخلى الأرض من حجة لك ظاهر أو مغمور، لئلا تبطل حججك وبيناتك ". فهذا دليل على أنه عاش بعد موته. وليس بين هذه الفرقة والفرقة التي قبلها فرق أكثر من أن هذه صححت موت الحسن بن على رضي الله عنه، وأن الأولى قالت إنه غاب وهو حى وأنكرت موته، وهذه أيضاً شبيهة بفرقة من الواقفة على موسى بن جعفر رضي الله عنه. وإذا قيل لهم: من أين قلتم هذا، وما دليلكم عليه، رجعوا إلى تأول الروايات.
وقالت الفرقة الثالثة: إن الحسن بن على توفى ولا عقب له، والإمام بعده أخوه، جعفر، وإليه أوصى الحسن، ومنه قبل جعفر الوصية وعنه صارت إليه الإمامة. فلما قيل لهم إن الحسن وجعفر ما زالا متهاجرين متصارعين متعاديين طول زمانهما، وقد وقفتم على صنايع جعفر ومخلفى الحسن، وسوء معاشرته له في حياته، ولهم من بعد وفاته في اقتسام مواريثه، قالوا: إنما ذلك بينهما في الظاهر، فأما في الباطن فكانا متراضيين، متصافيين، لا خلاف بينهما، ولم يزل جعفر مطيعا له، سامعا منه، فإذا ظهر فيه شىء من خلافه فعن أمر الحسن، فجعفر وصى الحسن، وعنه أفضت إليه الإمامة. ورجعوا إلى بعض قول الفطحية