في عبد الله وموسى وزعموا أن موسى بن جعفر إنما كان إماما بوصية أخيه عبد الله إليه، وعن عبد الله صارت إليه الإمامة لا عن أبيه، وأقروا بإمامة عبد الله بن جعفر وثبوتها بعد إنكارهم لها وجحودهم إياها، وأوجبوا فرضها على أنفسهم ليصححوا بذلك مذهبهم. وكان رئيسهم والداعى لهم إلى ذلك رجل من أهل الكوفة من المتكلمين يقال له على الطاحى الخزار، وكان مشهورا في الفطحية، وهو ممن قوى إمامة جعفر وأمال الناس إليه، وكان متكلما محجاجا، وأعانته على ذلك أخت الفارس بن حاتم بن ماهويه القزوينى، غير أن هذه أنكرت إمامة الحسن بن على رضي الله عنه، وقالت إن جعفرا أوصى أبوه إليه لا إلى الحسن.
وقالت الفرقة الرابعة: إن الإمام بعد الحسن هو جعفر، وأن الإمامة صارت إليه من قبل أبيه، لا من قبل أخيه محمد ولا من قبل الحسن. ولم يكن محمد إماما، ولا الحسن أيضاً، لأن محمدا توفى في حياة أبيه، وتوفى الحسن ولا عقب له، وكان مدعيا مبطلا، والدليل على ذلك أن الإمام لا يموت حتى يوصى ويكون له خلف، والحسن قد توفى ولا وصى له، ولا ولد، فادعاؤه الإمامة باطل، والإمام لا يكون من لا خلف له ظاهر معروف مشار إليه، ولا يجوز أيضاً أن تكون الإمامة في الحسن وجعفر لقول أبى عبد الله جعفر بن محمد وغيره من آبائه صلوات الله عليهم أن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام، فدلنا ذلك على أن الإمامة لجعفر، وأنها صارت إليه من قبل أبيه لا من قبل أخويه.
أما الفرقة الخامسة: فإنها رجعت إلى القول بإمامة محمد بن على المتوفى في حياة أبيه، وزعمت أن الحسن وجعفر ادعيا ما لم يكن لهما، وأن أباهما لم يشر إليهما بشىء من الوصية والإمامة. ولا روى عنه في ذلك شىء أصلا، ولا نص عليهما بشىء يوجب إمامتهما، ولا هما في موضع ذلك وخاصة جعفر: فإن فيه خصالا مذمومة، وهو بها مشهور، ولا يجوز أن يكون مثلها في إمام عدل. وأما الحسن فقد توفى ولا عقب له، فعلمنا أن محمدا كان الإمام، قد صحت