مما خرج عنهم إلينا، والتمسك بالماضى، مع الإقرار بموته، كما كان أمر عيسى رضي الله عنه ونهيه، وما خرج من علمه واعلم أوصيائه، والتمسك بالإقرار بنبوته وبموته، والإقرار بمن ظهر من أوصيائه، حجة على الناس قبل ظهور نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله.
وهذه الفرقة لا توجب قيام القائم، ولا خروج مهدى، وتذهب في ذلك إلى بعض معانى البداء.
وقالت الفرقة العاشرة: إن محمد بن على، الميت في حياة أبيه، كان الإمام بوصية من أبيه، وإشارته ودلالته ونصه على اسمه وعينه، ولا يجوز أن يشير إمام قد ثبتت إمامته وصحت على غير إمام، فلما حضرت الوفاة محمدا لم يجز أن يوصى ولا يقيم إماما، ولا يجوز له أن يوصى إلى أبيه، إذ إمامة أبيه ثابتة عن جده ولا يجوز أيضاً أن يأمر مع أبيه وينهى ويقيم من يأمر معه ويشاركه. وإنما ثبتت له الإمامة بعد مضى أبيه، فلما لم يجز إلا أن يوصى فقد أوصى إلى غلام لأبيه صغير كان في خدمته يقال له نفيس، وكان عنده ثقة أمينا، ودفع إليه الكتب والوصية، وأمره إذا حدث به حدث الموت أن يؤدى ذلك كله إلى أخيه جعفر، ما فعل الحسين بن على بن أبى طالب رضي الله عنه، لما خرج إلى الكوفة، فقد دفع كتبه والوصية وما كان عنده من السلاح وغيره إلى أم سلمة زوج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله واستودعها ذلك كله، وأمرها أن تدفعه إلى على بن الحسين الأصغر إذا رجع إلى المدينة، فلما انصرف على بن الحسين من الشام إليها، دفعت إليه جميع ذلك، وسلمته له، فهذا بتلك المنزلة في الإمامة لجعفر بوصية " نفيس " إليه عن محمد أخيه، فإن نفيسا لما خاف على نفسه لما علم أهل الدار قصته وأحسوا بأمره وحسدوه، ونصبوا له وبغوه الغوائل، وخشى أن تبطل الإمامة وتذهب الوصية دعا جعفرا وأوصى إليه، ودفع إليه جميع ما استودعه أخوه الميت في حياة أبيه، ودفع إليه الوصية على نحو ما أمره، وهكذا ادعى جعفر أن الإمامة صارت إليه من قبل محمد أخيه، لا من قبل أبيه وهذه الفرقة تسمى النفيسية.