هريرة وأسهم له الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعنى هذا أن أبا هريرة رضى الله عنه أسلم فى بداية العام السابع. وقد عاش فى الإسلام خمسين عاماً، أو يزيد؛ لأنه مات سنة ٥٩ هـ على الأشهر، وقيل بأنه مات قبل هذا بعام أو عامين.
عريف أهل الصفة:
عندما أسلم لزم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يفارقه مدة أربع سنوات إلا قليلاً. وساعد على هذه الملازمة أنه كان من أهل الصفة، ذلك المكان المظلل فى مسجد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذى كان يعتبر أول مدرسة فى المدينة المنورة، ومثوى لفقراء المسلمين.
وبارك الله عزوجل لأبى هريرة فى هذه الفترة الزمنية القصيرة التى صحب فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحفظ الكثير من الحديث النبوى الشريف حتى أصبح أشهر من لجأ إلى الصفة وأعلم من تخرج فى تلك المدرسة وعريفها، بفضل دعاء الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتفرغه وإخلاصه وجده فى طلب العلم.
قال ابن عبد البر فى الاستيعاب (٤ / ٢٠٨) :
" أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم لزمه وواظب عليه رغبة فى العلم، راضياً بشبع بطنه، فكانت يده مع يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يدور معه حيث دار. وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار؛ لاشتغال المهاجرين بالتجارة، والأنصار بحوائطهم.
فقد شهد له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه حريص على العلم والحديث. وقال له: يا رسول الله، إنى قد سمعت منك حديثاً كثيراً، وأنا أخشى أن أنسى. فقال: ابسط رداءك. قال فبسطته، فغرف بيده فيه، ثم قال: ضمه، فضممته، فما نسيت شيئاً بعد ".