ومن النظر فى رجال الإسناد نرى أن الحديث صحيح أو حسن على الأقل عند بعض الأئمة، وعند أكثرهم يعتبر ضعيفاً لا يحتج به فى الحلال والحرام، ولكن يكتب، وموضع الخلاف مرده إلى وجود زيد العمى، ومثله إن لم يحتج بحديثه، أخذ به فى الفضائل ونحوها، أى أن هذا الحديث يقبل من حيث الإسناد.
أما المتن فله ما يعضده، ويشهد بصحته، وقد يكفى ما سبق من الأحاديث الشريفة الأخرى، وما بينته من الدلالات، وما أثبته الأئمة من أن حفظ أبى هريرة من علامات النبوة، ولكن فلنزد الأمر وضوحاً وتأكيداً.
فى كتاب العلم فى صحيح البخارى نجد " باب حفظ العلم ". ونقرأ أحاديث الباب فنراها كلها تتعلق بحفظ أبى هريرة وحده.
ويأتى الحافظ فى الفتح ليفسر مسلك الإمام البخارى فيقول:" لم يذكر فى الباب شيئاً عن غير أبى هريرة، وذلك لأنه كان أحفظ الصحابة للحديث، قال الشافعى رضى الله عنه: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى عصره وقد كان ابن عمر يترحم عليه فى جنازته ويقول: كان يحفظ على المسلمين حديث النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هكذا فليكن الحفظ:
ومما يثبت حفظه ما رواه الحاكم بسنده: " حدثنا الزعيزعه كاتب مروان بن الحكم، أن مروان دعا أبا هريرة، فأقعدنى خلف السرير، وجعل يسأله، وجعلت أكتب حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به فأقعده وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا أخر ".