وفى موضع ثالث (٢ / ٦٨) قال الذهبى: " وفى سنن النسائى أن أبا هريرة دعا لنفسه: اللهم إنى أسألك علماً لا ينسى. فقال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. آمين ".
شهادة ابن عمر:
وابن عمر رضى الله تعالى عنهما بين حفظ أبى هريرة وعلمه وفضله، أما الذين ذكروا أنه كذبه وسخر منه فقد وقعوا فى خطأ جسيم، حيث أخذوا من الأخبار ما يشتهون وتركوا منها ما يثبت ما لا يريدون.
ولننظر مثلاً إلى هذا الخبر الصحيح عن ابن عمر نفسه، فإنه: مر بأبى هريرة وهو يحدث عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط أعظم من أحد. فقال له ابن عمر: أبا هر، انظر ما تحدث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!!
فقام إليه أبو هريرة، حتى انطلق به إلى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، أنشدك بالله، أسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان؟ فقالت: اللهم نعم. فقال أبو هريرة: إنه لم يكن يشغلنى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غرس الودى ولا صفق بالأسواق، إنى إنما كنت أطلب من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمة يعلمنيها، وأكلة يطعمنيها.
فقال له ابن عمر: أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعلمنا بحديثه ".
(انظر الخبر، وبيان الشيخ شاكر لصحة إسناده، فى المسند للإمام أحمد ج ٦ ص ٢١٣، حديث رقم ٤٤٥٣ ط دار المعارف) .
والخبر انتهى بشهادة ابن عمر، ولكن الطاعنين يذكرون الجزء الأول فقط!! أما غيرهم فإما أن يذكر الخبر كاملاً، أو يكتفى بذكر الشهادة، فهى المقصود من إيراد الخبر.