للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصح أن يكون هذا الإجماع كاشفاً عن وجود دليل معتمد من أي أصل من أصول الفقه الأخرى عندهم (١) .

فالجعفرية الإمامية إذن ينظرون في الإجماع إلى الإمام نفسه لا إلى ذات الإجماع، قال علامتهم الحلى: " الإجماع إنما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم، فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة أقوالها فإجماعها حجة لأجله لا لأجل الإجماع " (٢) .

وقال غيره: " أما الإجماع فعندنا هو حجة بانضمام المعصوم، فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله لما كان حجة، ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله " (٣) .

ومادام الإمام عندهم يعتبر معصوماً وقوله سنة، فما جدوى الإجماع إذن؟ وما الفرق بينه وبين السنة؟ يوضح هذا أحد علمائهم إذ يقول:

" إن الإجماع بما هو إجماع لا قيمة علمية له عند الإمامية ما لم يكشف عن قول المعصوم ... فإذا كشف على نحو القطع عن قوله فالحجة في الحقيقة هو المنكشف لا الكاشف فيدخل حينئذ في السنة ولا يكون دليلاً مستقلاً في مقابلها.

و ... لم تثبت عندنا عصمة الأمة من الخطأ وإنما أقصى ما يثبت عندنا من اتفاق الأمة أنه يكشف عن رأي من له العصمة! فالعصمة في المنكشف لا في الكاشف.

وعلى هذا فيكون الإجماع منزلته منزلة الخبر المتواتر الكاشف بنحو القطع عن قول المعصوم، فكما أن الخبر المتواتر ليس بنفسه دليلاً على الحكم الشرعي


(١) انظر أصول الفقه للمظفر ٣ / ٩٧ ـ ٩٨.
(٢) تهذيب الوصول ص ٧٠، وانظر في هذا المعنى: تجريد الأصول ص ٧٥، وزبدة البيان ص ٦٨٧ والحقائق في الجوامع والفوارق ص ١/٧٥.
(٣) المعتبر ص ٦ ويلقبون القائل بالمحقق.

<<  <   >  >>