للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأساً بل هو دليل على الدليل على الحكم، فكذلك الإجماع ليس بنفسه دليلاً بل هو دليل على الدليل.

غاية الأمر أن هناك فرقاً بين الإجماع والخبر المتواتر، فإن الخبر دليل لفظي على قول المعصوم، أي أنه يثبت به نفس كلام المعصوم ولفظه فيما إذا كان التواتر للفظ، أما الإجماع فهو دليل قطعي على نفس رأي المعصوم لا على لفظ خاص له، لأنه لا يثبت به ـ في أي حال ـ أن المعصوم قد تلفظ بلفظ خاص معين في بيانه للحكم.

ولأجل هذا يسمى الإجماع بالدليل اللبى، نظير الدليل العقلي، يعنى أنه يثبت بهما نفس المعنى والمضمون من الحكم الشرعي الذي هو كاللب بالنسبة إلى اللفظ الحاكى عنه الذي هو كالقشر له " (١) .

إذن فالإمام هو الأساس الذى ينبنى عليه الإجماع عند الجعفرية الإمامية.

ومن هنا نستطيع أن ندرك سبب نظر المحدثين - من علماء الشيعة - إلى الإجماع نظرة تباين ما كان عليه الأقدمون منهم، قال عالمهم المعاصر الشيخ مغنية: " اتفق المتقدمون على أن مصادر التشريع أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والعقل، وغالوا في الاعتماد على الإجماع حتى كادوا يجعلونه دليلاُ على كل أصل وكل فرع.

وعد المتأخرون لفظ الإجماع مع هذه المصادر ولكنهم أهملوه عملياً، ولم يعتمدوا عليه إلا نادراً، بل لم يعتمدوا عليه إلا منضماً مع دليل أو أصل معتبر". (٢) ثم قال: " والخلاصة أن الإجماع المنقول ليس بحجة، والإجماع المحصل حجة شريطة أن يحصل من الصدر الأول إلى العصر الأخير، وقد اشتهر على ألسنة


(١) أصول الفقه للمظفر ٣/٩٢.
(٢) أصول الفقه للشيعة الإمامية بين القديم والحديث – بحث بمجلة رسالة الإسلام السنة الثانية– العدد الثالث، والمنقول تجده في ص ٢٨٤: ٢٨٦.

<<  <   >  >>