للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يناقش الطوسي ما قيل، ولم يذكر ما يرجح أحد هذه الأقوال، ولكن كثيراً من طائفته استدلوا بروايات على أنها استخلاف على (١) ، وظاهر النص لا يدل على هذا، والروايات كلها أقصى ما تبلغه لا تصل إلى مرتبة السنة، فليس فيها ما أثر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على أنا لم نجد رواية واحدة صحيحة عن طريق الجمهور تؤيد ما ذهب إليه الجعفرية، ولننظر إلى ما ذهب إليه المفسرون.

قال الطبري في تفسير الآية الكريمة: -

" هذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه محمداً بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين الذين قص تعالى ذكره قصصهم في هذه السورة، وذكر فيها معايبهم وخبث أديانهم واجتراءهم على ربهم وتوثبهم على أنبيائهم، وتبديلهم كتابه، وتحريفهم إياه، ورداءة مطاعمهم ومآكلهم، وسائر المشركين وغيرهم، ما أنزل عليه فيهم من معايبهم، والإزراء عليهم، والتقصير بهم والتهجين لهم، وما أمرهم به وما نهاهم عنه، وأن لا يشعر نفسه حذراً منهم أن يصيبوه في نفسه بمكروه ما قام فيهم بأمر الله، ولاجزعاً من كثرة عددهم وقلة عدد من معه، وأن لايتقى أحداً في ذات الله، فإن الله تعالى ذكره كافيه كل أحد من خلقه، ودافع عنه مكروه كل من يبغى مكروهه، وأعلمه تعالى ذكره أنه إن قصر عن إبلاغ شئ مما يبلغ إليه إليهم، فهو في تركة تبليغ ذلك وإن قل ما لم يبلغ منه فهو في عظيم ما ركب بذلك من الذنب بمنزلته لو لم يبلغ من تنزيله شيئاً. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل " (٢) .

والذى ذهب إليه أهل التأويل هو الذي يتفق مع سياق الآيات الكريمة، ومع تكملة الآية ذاتها. والخروج على السياق وفصل صدر الآية عن عجزها لا يجوز بغير أدلة صحيحة.


(١) انظر البيان ط مكتبة الحياة ٦/١٥٢ –١٥٣، والميزان ٦/٤٢ –٦٤ وتفسير شبر ... ص ١٤٣، والغدير ١/٢١٤ –٢٢٩، ومصباح الهداية ١٩٠-١٩٨.
(٢) تفسير الطبري تحقيق شاكر ١٠/٤٦٧.

<<  <   >  >>