للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق أهل السنة من أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح رأسه بما بقى من وضوئه، أو من فضل ماء كان بيديه، وروايات أخرى أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح رأسه بماء غير فضل يديه، أو أنه أخذ لرأسه ماء جديدا (١) . ولا تعارض بين هذه الأخبار، فكل جائز، بل إننا نجد فيما روى عن طريق الشيعة ما يؤيد القائلين بإيجاب ماء جديد، جاء في الاستبصار: " سألت أبا الحسن - عليه السلام -: أيجوز للرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه؟ فقال: برأسه لا، فقلت: أبماء جديد؟ فقال: برأسه نعم. " ورواية أخرى: " سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن مسح الرأس قلت: أمسح بما في يدي من الندى رأسى فقال: لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح " (٢) .

وحاول شيخ الطائفة الطوسى أن يوفق بين هذين الخبرين والأخبار السابقة، فقال: " فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على ضرب من التقية؛ لأنهما موافقان لمذاهب كثير من العامة، ويحتمل أن يكون المراد بهما إذا جفت أعضاء الطهارة بتفريط من جهته، فيحتاج أن يجدد غسلها، فيأخذ ماء جديداً، ويكون الأخذ بها أخذاً للمسح حسب ما تضمنه الخبر الأول.

وأما الخبر الثانى فيحتمل أن يكون المراد بقوله: " بل تضع يدك في الماء " إنما أراد الماء الذي بقى في لحيته أو حاجبيه، وليس فيه أن يضع يده في الماء الذي في الإناء أو غيره. فإذا احتمل لذلك لم يعارض ما قدمناه من الأخبار" (٣) .

ولا شك أن هذا التخريج فيه من البطل ما فيه: فالخبر الأول يفيد ـ خلاف الماء الجديد ـ مسح الرجلين في الوضوء، وقد أجمعت المذاهب الأربعة على وجوب غسلهما. ولهذا أجاز الشيعة غسلهما للتقية مع إيجابهم المسح. فكيف إذن يحمل هذا الخبر على التقية لمجرد ذكر الماء الجديد مع إفادته مسح الرجلين؟


(١) انظر نيل الأوطار جـ ١ ص ٢٩.
(٢) انظر ص ٥٨-٥٩ من الكتاب المذكور جـ ١.
(٣) الاستبصار جـ ١ ص ٥٩.

<<  <   >  >>