للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما إيجاب المسح ببقية البلل، فالخلاف بين أهل السنة على العكس من ذلك، فبعضهم أوجب ماء جديداً والآخرون أجازوا المسح ببقية البلل، وخلافهم مبنى على أساس الماء المستعمل: أهو مطهر أم غير مطهر؟

فظاهر مذهب الحنابلة أنه طاهر غير مطهر، وهو المشهور عن أبى حنيفة، وإحدى الروايتين عن مالك، وظاهر مذهب الشافعى، وعن أحمد رواية أخرى أنه طاهر مطهر، وهو الرواية الثانية لمالك، والقول الثانى للشافعى، وروى عن على وابن عمر وأبى أمامة فيمن نسى مسح رأسه إذا وجد بللاً في لحيته أجزأه أن يمسح رأسه بذلك البلل، وذهب أبو يوسف إلى نجاسته، وهو رواية عن أبى حنيفة. (١)

ولكل من هؤلاء أدلته التي استند إليها (٢) ، ولسنا بحاجة إلى مناقشتها ما دام فيهم من يوافق الإمامية على طهورية هذا الماء.

ولكن ما الذي دفع الشيعة إلى القول بإيجاب بقية البلل، وبطلان الماء الجديد؟ فلو جف ماء الوضوء قبله أخذ من لحيته، وحاجبيه وأشفار عينيه مسح به، فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء (٣) .

لا خلاف في أن الماء الجديد طاهر مطهر، وأدلة الشيعة التي ذكرناها لو صحت (٤) فغاية ما تدل عليه جواز المسح ببقية البلل، ويؤيد ذلك ما روى عن


(١) انظر المغنى جـ ١ ص ١٨ وما بعدها.
(٢) انظر ما سبق، وانظر كذلك: نيل الأوطار جـ ١ ص ٢٣ باب طهارة الماء المتوضأ به، وص ٢٧ باب بيان زوال تطهيره، والهداية في تخريج أحاديث البداية ـ الماء المستعمل: ١/٢٧٣، وصحيح البخاري وشرحه فتح الباري ـ كتاب الوضوء: باب استعمال فضل وضوء الناس.
(٣) انظر: مفتاح الكرامة – كتاب الطهارة ص ٢٥٨-٢٥٩.
(٤) هذه الروايات توجب مسح الرأس والرجلين، وسنناقش ذلك فيما يأتى من نوع طهارة الرجلين.

<<  <   >  >>