الذى ألجأ زرارة إلى أن يأخذ قلنسوته من البول ويصلى بها؟ ولماذا لم يصل بدونها؟ ألا تندرج هذه من ضمن ما يشمله قوله تعالى:"" وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ""؟ ، ثم ألم تصب هذه القلنسوه بدنه بالنجاسة؟ إن هذه الرواية ـ وأمثالها ـ لا يمكن بحال أن تقبل، فهي تجيز الصلاة بنجاسة مغلظة يمكن تجنبها دون عسر ومشقة.
أما ما يرونه من وجوب إزالة دم الحيض وإن قل، فإنا قد نجد ما يؤيدهم عن طريق أهل السنة (١) كحديث أسماء بنت أبى بكر قالت: " جاءت امرأة إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض ـ كيف تصنع؟ فقال: تحته، ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه، ثم تصلى فيه " متفق عليه.
وفى حديث آخر:" فإذا طهرت فاغسلى موضع الدم، ثم صلى فيه ". وفى رواية:" حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر ".
فهذه الأحاديث تفيد وجوب إزالة دم الحيض ـ وإن قل ـ لعمومها، ولكنا نجد رواية عن السيدة عائشة فى الحائض يصيب ثوبها الدم، قالت:" تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشئ من صفرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لى ثوباً ".
وفى رواية أخرى عنها قالت:" قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض، وفيها تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها. وفى لفظ: ما كان لإحدانا إلا ثوب فيه تحيض فإن أصابه شيىء من دمها بلته بريقها ثم قصعته بظفرها ".
(١) انظر نيل الأوطار جـ ١ ص ٤٧ وما بعدها ـ باب الحت والقرص والعفو عن الأثر بعدهما. وراجع صحيح البخارى: كتاب الحيض: باب غسل دم الحيض، وكتاب الوضوء: باب غسل الدم. وصحيح مسلم: كتاب الطهارة ـ باب نجاسة الدم وكيفية غسله.