للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهي عَبْدًا إِذَا صَلَّى "" (١) .

واستمر فى ذكر مثل هذه الدلالات ثم قال:

وعلى كل حال فكيف يناسب هذا الاهتمام الشديد فى الكتاب المجيد سقوط الجمعة عن المسلمين فى زمان الغيبة، بل بعد خلافة الحسن بن على عليهما السلام، لأن الأئمة كانوا ممنوعين عن إقامتها، فلم تكن واجبة إلا عشر سنين زمن النبى، وأربع سنين زمن خلافة على والحسن عليهما السلام (٢) .

ولو قلنا إن الآيات تدل على الوجوب التعيينى المطلق فى كل زمان، والخبر الدال على سقوطه عن أهل زمان الغيبة، مخصص لها، فالأمر يكون أشكل، لأن ذلك يكون من باب النسخ، والقول بنسخ الكتاب بالخبر الواحد، ولا سيما غير النبوى، جرأة على الله ورسوله، والمدعى دلالته من الأخبار على السقوط ليس من الأخبار النبوية.

على أن هذا مناف لكون حلال محمد حلالاً إلى يوم القيامة، وحرامه حراماً إلى يوم القيامة، ومستلزم لنزول الوحي على المهدى، لأنهم متفقون على وجود صلاة الجمعة زمانه، ولا دليل عليه، إذ الآيات مخصصة بزمان الغيبة، فلا يعود الحكم بغير الوحي، والقول بذلك ينافى الإيمان، فلا يتم القول بالسقوط إلا بادعاء شرطية الإذن للوجوب أو الصحة، وهو مخالف لنص الكتاب.

فنحن فى غنى عن مراجعة الأخبار والبحث فى سندها ودلالتها، بعد قيام الحجة علينا فى وجوبها علينا بكتاب الله، ونحن ندينه ونتقرب إليه بإقامتها، ونسأله التوفيق لذلك، ولكل ما يرضيه عنا، وإنه أرحم الراحمين.

هذا على سبيل التنزل، وفرض أن يكون فى الأحاديث ما يدل على السقوط عن أهل زمان الغيبة، وهذا الفرض مخالف للواقع، إذ السنة نطقت بما نطق به


(١) انظر ما سبق فى ص ٥ ـ ٧.
(٢) انظر ما سبق فى ص ٩.

<<  <   >  >>