للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْل وليس بالهزل، لا تخلقه الأَلسن، ولا تفنى عجائبه، فيه نبأ ما كان قبلكم، وفصل ما بينكم، وخبر ما هو كائن بعدكم" هكذا رواه الإمام أحمد (٢٥).

وقال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا حسين بن علي الجعفي، حدثنا حمزة الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث الأعور، قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت علَى عليٍّ فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أو قد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إني سمعت رسول اللَّه يقول: "إنها ستكون فتنة" فقلت: ما المَخْرج منها يا رسول اللَّه؟ قال: "كتاب اللَّه، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحُكْمُ ما بينكم، هو الفصل ليس بالهَزْلِ، من تركه من جبار قَصَمه اللَّه، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله اللَّه، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تَلْتَبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يَخْلَق عنِ كثرةِ الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذْ سمعته حتى قالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾ (٢٦)، من قال به صَدق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عَدَل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم". خذها إليك يا أعور. ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال (٢٧).

قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن الحارث الأعور، فبرئ حمزة من عهدته، على أنه وإن كان ضعيف الحديث إلا أنه إمام في القراعة والحديث، مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما أنه تعمد الكذب في الحديث فلا، واللَّه أعلم، وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، ، وقد وهِمَ بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي .

قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "فضائل القرآن" (٢٨): حدثنا أبو اليقظان


(٢٥) - المسند برقم ٧٠٤ - (١/ ٩١) وهذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل الحارث الأعور، والظاهر أنه منقطع لقول محمد بن إسحاق -مدلس-: "وذكر محمد بن كعب القرظي".
(٢٦) -[الجن: ١، ٢].
(٢٧) - إسناده ضعيف جدًّا، الحارث تقدم قريبًا، وأبو مختار الطائي، وابن أبي الحارث: مجهولان، والحديث في سنن الترمذي، أبواب ثواب القرآن، باب: ما جاء في فضل القرآن، برقم (٢٩٠٦)، ورواه الدارمي (٢/ ٣١٢ - ٣١٣)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٢)، وابن نصر في قيام الليل ص (٧٥).
(٢٨) - فضائل القرآن (ص ٥٠)، ورواه الحاكم في المستدرك (١/ ٥٥٥) من طريق الهجري، به.=