للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشهدهم. قال: كفى بالله شهيدًا. قال: ائتني بكفيل. قال: كفى بالله كفيلًا قال: صدقت! فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبًا يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبًا، فأخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة معها إلى صاحبها ثم زجج موضعها، ثم أتى بها البحر ثم قال: اللَّهم، إنك قد علمت أني استسلفت فلانًا ألف دينار فسألني كفيلًا، فقلت: كفى بالله كفيلًا. فرضي بذلك. وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا. فرضي بذلك، وإني قد جهدت أن أجد مركبًا أبعث بها إليه بالذي أعطاني فلم أجد مركبًا وإني أستودعكها [١]، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يطلب مركبًا إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبًا تجيئه بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبًا، فلما كسرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه فأتاه بألف دينار، وقال: والله ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه. قال هل كنت بعثت إليَّ بشيء؟ قال: ألم أخبرك أني لم أجد مركبًا قبل هذا الذي جئت فيه؟ قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة، فانصرف بألفك راشدًا.

وهذا إسناد صحيح، وقد رواه البخاري في سبعة مواضع من طرق صحيحه معلقًا بصيغة الجزم (١٧٢٣)، فقال: وقال الليث بن سعد … فذكره. ويقال: إنه رواه في بعضها عن عبد الله بن صالح كاتب الليث عنه.

وقوله تعالى: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَينَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ أي: بالقسط والحق، ولا يجر في كتابته على أحد، ولا يكتب إلا ما اتفقوا عليه من غير زيادة ولا نقصان.

وقوله: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ أي: ولا يمتنع من يعرف الكتابة إذا سئل أن يكتب للناس، ولا ضرورة عليه في ذلك، فكما علمه الله ما لم يكن يعلم فليتصدق على غيره ممن لا يحسن الكتابة، وليكتب كما جاء في الحديث: "إن من الصدقة أن تعين صانعًا أو تصنع لأخرق" (١٧٢٤). وفي الحديث الآخر: "من كتم علمًا يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" (١٧٢٥).


(١٧٢٣) - صحيح البخاري حديث (١٤٩٨، ٢٢٩١، ٢٤٠٤، ٢٤٣٠، ٢٧٤٤، ٦٢٦١، ٢٠٦٣).
(١٧٢٤) - رواه البخاري في العتق، حديث (٢٥١٨)، ومسلم في الإيمان (٨٤) من حديث أبي ذر .
(١٧٢٥) - رواه أحمد في المسند (٢/ ٣٠٤) من حديث أبي هريرة .