للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد، وعطاء: واجب على الكاتب أن يكتب.

وقوله: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ أي: وليملل المدين على الكاتب ما في ذمته من الدين، وليتق الله في ذلك. ﴿وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيئًا﴾ أي: لا يكتم منه شيئًا. ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيهِ الْحَقُّ سَفِيهًا﴾ محجورًا عليه بتبذير ونحوه ﴿أَوْ ضَعِيفًا﴾ أي: صغيرًا أو مجنونًا ﴿أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ﴾ إما لعي، أو جهل بموضع صواب ذلك [من خطئه] [١] ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾.

وقوله: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ أمرٌ بالإِشهاد مع الكتابة لزيادة التوثقة ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ وهذا إنما يكون في الأموال وما يقصد به المال، وإنما أقيمت المرأتان مقام الرجل لنقصان عقل المرأة، كما قال مسلم في صحيحه (١٧٢٦): حدثنا قتيبة، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي، ، أنه قال: "يا معشر النساء؛ تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار". فقالت امرأة منهن جزلة: ومالنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: "تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن".

قالت [٢]: يا رسول الله، ما نقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي لا تصلي، وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين".

وقوله: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ فيه دلالة علي اشتراط العدالة في الشهود، وهذا مقيد حكم به الشافعي على كل مطلق في القرآن من الأمر بالإشهاد من غير اشتراط. وقد استدل من رد المستور بهذه الآية الدالة [٣] علي أن يكون الشاهد عدَلًا مرضيًّا.

وقوله: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ يعني المرأتين إذا نسيت الشهادة ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ أي: يحصل لها ذكر [٤] بما وقع به من [٥] الإِشهاد. ولهذا [٦] قرأ آخرون (فتذّكر) بالتشديد من التذكار. ومن قال: إن شهادتها معها تجعلها كشهادة ذكر. فقد أبعد و الصحيح الأول، والله أعلم.


(١٧٢٦) - صحيح مسلم، كتاب الإيمان حديث (٨٠).