للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثًا، فقام عمر بن الخطاب، ، فقال: نعم. ثم أصبح فقال رسول الله : "ليظهرنَّ الإسلام حتَّى يرد الكفر إلى مواطنه، وليخوضنَّ [رجال البحار] [١] بالإِسلام، وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرءونه، ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا، فمَن هذا الذي هو خير هنا؟ فهل في أولئك من خير؟ " قالوا: يا رسول الله، فمن أولئك؟ قال: "أولئك منكم [فأولئك منهُم﴾ وأولئك هم وقود النار" وكذا رأيته بهذا اللفظ.

وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن هند بنت الحارث امرأةٌ عبد الله بن شداد - عن أم الفضل أن رسول الله قام ليلة بمكة فقال: "هل بلغت؟ " يقولها ثلاثًا. فقام عمر بن الخطاب، وكان أوَّاهًا فقال: اللَّهم نعم، وحرصت وجهدت ونصحت، فاصبر، فقال النبي : "ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه، وليخوضنّ رجال البحار بالإِسلام، وليأتينَّ على الناسَ زمان يقرءون القرآن، فيقرءونه ويعلمونه، فيقولون: قد قرأنا وقد علمنا، فمن هذا الذي هو خير منا؟ فما في أولئك من خير" قالوا: يا رسول الله" فمن أولئك؟ قال: "أولئك منكم أولئك هم وقود النار".

ثم رواه من طريق موسى بن عبيد، عن محمد بن إبراهيم، عن بنت الهاد، عن العباس بن عبد المطلب، بنحوه.

وقوله تعالى ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ قال الضحاك عن ابن عبَّاس: كصنيع آل فرعون، وكذا روي عن عكرمة، ومجاهد، وأبي مالك، والضحاك، وغير واحد، ومنهم من يقول: كسُنَّة آل فرعون، وكفعل آل فرعون، وكشبه آل فرعون. والألفاظ متقاربة، والدأب، بالتسكين والتحريك أيضًا، كنهر ونهر، هو الصنع والحال والشأن والأمر والعادة، كما يقال: لا يزال هذا دأبي ودأبك، وقال امرؤ القيس:

وقوفا بها صحبي عليَّ مطيهم … يقولون لا تهلك [٢] أسًى وتحمل [٣]

كدأبك من أم الحويرث قبلها … وجارتها أم الرباب بمأسل

والمعنى: كعادتك في أم الحويرث حين أهلكت نفسك في حبها، وبكيت دارها ورسمها.

والمعنى في الآية: أن الكافرين لا تغني عنهم [الأولاد ولا الأموال] بل يهلكون ويعذبون، كما جرى لآل فرعون، ومن قبلهم من [المكذبين للرسل فيما جاءوا] [٤] به من آيات الله وحججه. ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ أي: شديد الأخذ أليم العذاب، لا يمتنع منه أحد،


[١]- في خ: "النجار".
[٢]- في ز: "تأسف".
[٣]- في ز: "تحمل".
[٤]- في خ: "الرسل وما جاءوهم".