للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يفوته شيء، بل هو الفعال لما يريد، الذي قد [١] غلب كل شيء وذل له كل شيء لا إله غيره ولا رب سواه.

﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٢) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَينِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيهِمْ رَأْيَ الْعَينِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (١٣)

يقول تعالى: قل يا محمد للكافرين: ستغلبون [أي: في الدنيا] [٢]، وتحشرون؛ أي: يوم القيامة إلى جهنم وبئس المهاد.

وقد ذكر محمد بن إسحاق بن [٣] يسار، عن عاصم بن عمر بن قَتَادة أن رسول الله ، لما أصاب من أهل بدر ما أصاب، ورجع إلى المدينة، جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال: "يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله كما [٤] أصاب قريشًا" فقالوا: يا محمد! لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله في [] [٥] ذلك من قولهم: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ إلى قوله ﴿لَعِبْرَةً [٦] لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (٣٧).

وقد رواه محمد [٧] بن إسحاق أيضًا، عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد، أو [٨] عكرمة، عن ابن عبَّاس فذكره (٣٨)؛ ولهذا قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ أي: قد كان لكم أيها اليهود القائلون ما قلتم آية، أي: دلالة علن أن الله مُعِزُّ دينه، وناصر رسوله، ومظهر كلمته، ومُعْلٍ أمره ﴿فِي فِئَتَينِ﴾، أي: طائفتين، التقتا؛ أي: للقتال


(٣٧) - ابن هشام في "السيرة" (٢/ ٥٦١)، وعاصم بن عمر بن قَتَادة تابعي، فالحديث مرسل.
(٣٨) - أخرجه أَبو داود في سننه، كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: كيف كان إخراج اليهود من المدينة، حديث (٣٠٠١)، وابن هشام في "السيرة" (٢/ ٥٦١)، والبيهقي في "دلائل النبوة": (٣/ ١٧٣)، وفيه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت وهو مجهول.