للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيد الرازي، قالا: حدَّثنا عمار بن عمر بن المختار، حدثني أبي، حدثني غالب القطان، قال: أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبًا من الأعمش، فلما كانت ليلة أردت أن أنحدر، قام فتهجد من الليل فمرَّ بهذه الآية ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي [١] عندَ الله وديعة، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ قالها مرارًا، قلت: لقد سمع فيها شيئًا، فغدوت إليه فودعته، ثم قلت: يا أبا محمدَ، إني سمعتك تردّد هذه الآية، قال: أو ما بلغك ما فيها؟ قلت: أنا عندك منذ شهر لم تحدثني. قال: والله لا أحدّثك بها إلى سنة. فأقمت سنة، فكنت على بابه، فلما مضت السنة، قلت: يا أبا محمد، قد مضت السنة. قال: حدثني أَبو وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله : "يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله، ﷿،: عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد، أدخلوا عبدي الجنَّة".

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ إخبارٌ منه [٢] الله [٣] تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين، حتَّى [٤] ختموا بمحمد، ، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد، ، فمن لقي الله بعد [بعثة محمد] [٥] بدين على غير شريعته فليس بمتقبل، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ الآية. وقال في هذه الآية مخبرًا بانحصار الدين المتقبل منه [٦] عنده في الإِسلام: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾.

وذكر [٧] ابن جرير (٧٠)، أن ابن عبَّاس قرأ ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ [٨] الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ بكسر ﴿إِنَّ﴾ [٩]- وفتح، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ أي: يشهد هو والملائكة وأولو العلم


= عن أبيه، عن غالب. انظر "الكامل" لابن عدي (٥/ ١٦٩٤)، و"ميزان الاعتدال" (٤/ ١٤٣) رقم (٦٢١٣)، و"لسان الميزان" (٤/ ٧٦٣) رقم (٦١٩٣)، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ٣٢٨، ٣٢٩)، وقال: رواه الطبراني وفيه عمر بن المختار وهو ضعيف. وضعفه والخطيب في تاريخه.
(٧٠) - تفسير ابن جرير (٦/ ٢٦٨).