للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من البشر بأن الدين عند الله الإِسلام. والجمهور قرءوها بالكسر على الخبر، وكلا المعنيين صحيح، ولكن هذا على قول الجمهور أظهر، والله أعلم.

ثم أخبر تعالى بأن [١] الذين أوتوا الكتاب الأول إنما اختلفوا بعد ما قامت عليهم [٢] الحجة بإرسال الرسل إليهم، وإنزال الكتب عليهم، فقال: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَينَهُمْ﴾ أي: بغى بعضهم على بعض، فاختلفوا في الحق؛ لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم، فحمل [بعضهم بغض] [٣] البعض [٤] الآخر على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله، وإن كانت حقًّا، ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [أي: من جحد [ما أنزل] [٥] الله في كتابه] ﴿فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي: فإن [٦] الله سيجازيه على ذلك، ويحاسبه على تكذيبه، ويعاقبه على مخالفته كتابه.

ثم قال تعالى: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ﴾ أي: جادلوك في التوحيد ﴿فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ أي: فقل أخلصت عبادتي لله وحده لا شريك له ولا ندّ له، ولا ولد له [٧] ولا صاحبة له ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ [٨]﴾ أي: على ديني، يقول [٩] كمقالتي. كما قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الآية.

ثم قال تعالى آمرًا لعبده ورسوله محمد، ، أن يدعو إلى طريقته ودينه والدخول في شرعه، وما بعثه الله به، الكِتَابِيِّين من الملتين، والأمِّيِّين من المشركين، فقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيكَ الْبَلَاغُ﴾ أي: والله عليه حسابهم، وإليه مرجعهم ومآبهم، وهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وله الحكمة في ذلك، والحجة البالغة، ولهذا قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ أي: هو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، وهو الذي ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ وما ذلك [١٠] إلَّا لحكمته ورحمته.

وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق، كما هو معلوم من دينه ضرورة، وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية وحديث،


[١]- في خ: "أن".
[٢]- سقط من: ت.
[٣]- في ز، خ: "بعضهم على بعض".
[٤]- في ز، خ: "البغض".
[٥]- ما بين المعكوفتين في ز: "بما أنزله".
[٦]- في ز: "في أن".
[٧]- سقط من: ت.
[٨]- في ز: "اتبعني".
[٩]- في ز: "يقولون".
[١٠]- في خ: "ذاك".