للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَصِيرُ (٢٨)﴾.

نهى الله عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد [١] على ذلك فقال: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيءٍ﴾ أي: ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله، كما قال تعالى: [﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾، إلى أن قال، ﴿وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ وقال تعالى]: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ الآية. وقال [] بعد ذكر موالاة المؤمنين للمؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾. و [قوله تعالى]: ﴿إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ أي: إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم. فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته، كما

حكاه البخاري (٨٢)، عن أبي الدرداء أنه قال: إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم.

وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل، إنما التقية باللسان. [وكذا رواه العوفي عن ابن عباس: إنما التقية باللسان] [٢]. وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس. ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ الآية. وقال البخاري (٨٣): قال الحسن: التقية ثم [٣] إلى يوم القيامة. ثم قال تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ أي: يحذركم نقمته في [٤] مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ أي: إليه المرجع والمنقلب فيجازي [٥] كل عامل بعمله.

قال ابن أبي حاتم (٨٤): حدثنا أبي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن


(٨٢) - في صحيحه كتاب الأدب (١٠/ ٥٢٧ / الفتح)
(٨٣) - فاتحة كتاب الإكراه (١٢/ ٣١١ / الفتح).
(٨٤) - رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وأبو داود في "سننه" كتاب الصلاة، باب: إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت، حديث (٤٣٢). وفيه: عمرو بن ميمون الأودي، وجاء في ز، خ: عمرو بن ميمون=