للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتقم له لما طالت مدّته بين ظهراني قومه، يدعوهم إلى الله ليلًا ونهارًا، سرًّا [١] وجهارًا، فلم يزدهم ذلك إلا فرارًا، فدعا عليهم فأغرقهم الله عن آخرهم، ولم ينج منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه الله به، واصطفى آل إبراهيم، ومنهم سيد البشر وخاتم الأنبياء على الإِطلاق محمد ، وآل عمران، والمراد بعمران هذا هو والد مريم بنت عمران أم عيسى بن مريم .

قال محمد بن إسحاق بن يسار : هو عمران بن ياشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق بن يونم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن [أجر يهو] بن يازم بن يهفاشاط بن إِنشا بن أبيان [٢] بن رخيعم بن سليمان بن داود . فعيسى من ذرية إبراهيم، كما سيأتي بيانه في سورة الأنعام إن شاء الله تعالى وبه الثقة.

﴿إِذْ قَالتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦)

امرأة عمران هذه هي [٣] أمّ مريم [بنت عمران] [٤] وهي حنة بنت فاقود. قال محمد بن إسحاق: وكانت امرأة لا تحمل، فرأت يوما طائرًا يزق فرخه، فاشتهت الولد، فدعت الله تعالى أن يهبها ولدًا، فاستجاب الله دعاءها، فواقعها زوجها فحملت منه، فلما تحققت الحمل نذرته أن يكون محررًا أي: خالصًا مفرغًا للعبادة و [٥] لخدمة بيت المقدس، فقالت: ﴿رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ أي: السميع لدعائي العليم بنيتى. ولم تكن تعلم ما في بطنها أذكرًا أم أنثى ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾ قرئ [٦] برفع التاء على أنها تاء المتكلم وأن ذلك من تمام قولها، وقرئ بتسكين التاء على أنه من قول الله ﷿ ﴿وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ أي: في القوة والجلد في العبادة وخدمة المسجد الأقصى ﴿وَإِنِّي سَمَّيتُهَا مَرْيَمَ﴾ فيه دلالة [٧] على جواز التسمية يوم الولادة، كما هو الظاهر من


[١]- في ز: "وسرًا".
[٢]- في خ: "أنان".
[٣]- زيادة من: ز، خ.
[٤]- ما بين المعكوفتين زيادة من: ز، خ.
[٥]- زيادة من: ز، خ.
[٦]- في ز: "قرئت".
[٧]- في ت: "دليل".