للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متى، وإنجيل يوحنا، وهي مختلفة -أيضًا- اختلافا كثيرًا، وهذه الأناجيل الأربعة كل منها لطيف الحجم منها ما هو قريب من أربع عشرة ورقة بخط متوسط، ومنها ما هو أكبر من ذلك إما بالنصف أو بالضعف، ومضمونها سيرة عيسى وأيامه وأحكامه وكلامه وفيه شيء قليل مما يدعون أنَّه كلام الله، وهي مع هذا مختلفة، كما قلنا، وكذلك التوراة مع ما فيها من التحريف والتبديل ثم هما منسوخان بعد ذلك بهذه الشريعة المحمدية المطهرة.

فلما قال حذيفة لعثمان ذلك أفزعه وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التي على القراءة به وترك ما سواه، ففعلت حفصة وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علمًا وعملًا وأصلًا وفضلًا، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاصي بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادًا ممدحًا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المحزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخًا، وإذا اختلفوا في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبنه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه. وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم (٦٩).

وكأنَّ عثمان - والله أعلم - رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأَبو داود والتِّرمِذي والنَّسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عبَّاس (٧٠) قال: قلت العثمان بن عفان: ما


(٦٩) - رواه التِّرمِذي (٣١٠٤)، وعمر بن شبة (٣/ ١٠٠٠، ١٠٠١)، وابن أبي داود (١٩)، والبيهقي (٢/ ٣٨٥) من قول الزُّهْريّ.
(٧٠) - ضعيف، رواه ابن جرير ٣١٩ - (١/ ١٠٢)، وأَبو داود برقم (٧٨٦)، والتِّرمِذي برقم (٣٠٨٦)، والنَّسائي في الكبرى برقم (٨٠٠٧)، وأحمد ٣٩٩ - (١/ ٥٧)، وابن أبي داود (٣١ - ٣٢)، وابن حبان (٤٣ الإحسان)، والحاكم في المستدرك (٢٢١، ٣٣٠)، والبيهقي في السنن (٢/ ٤٢)، وعمر بن شبة (٣/ ١٠١٥، ١٠١٦). ومدار هذا الحديث على يزيد الفارسي: وقد اختلفوا فيه، أهو يزيد بن هرمز أم غيره، قال البخاري في التاريخ (٨/ ٣٦٧) قال لي علي: قال عبد الرحمن: يزيد الفارسي هو ابن هرمز. قال: فدكرته ليحيى فلم يعرفه، قال: وكان يكون مع الأمراء، وذكر البخاري ذلك في الضعفاء ص ١٢٢. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٩/ ٢٩٣): قال أَبو محمد: اختلفوا في يزيد بن هرمز أنَّه يزيد الفارسي أم لا، فقال عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد: وأحمد: يزيد الفارسي هو يزيد بن هرمز، وأنكر يحيى القطان أن يكونا وأحدًا، وسمعت أبي يقول: يزيد بن هرمز هذا ليس بيزيد الفارسي، هو سواه. وقال التِّرمِذي عقب الحديث: ويزيد الفارسي قد روي عن ابن عبَّاس غير حديث، ويقال: هو يزيد بن هرمز. وقال الحافظ في التقريب: مقبول -أي عند المتابعة.