للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم عبد الله بن عمرو، كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث ابن جريج عن عبد الله بن أبي مُلَيْكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله فقال: "اقرأه في شهر". وذكر تمام الحديث (٢٠٠).

ثم قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال عمر: عليٌّ أقضانا، وأبيّ أقرؤنا، وإنا لَنَدع من لحنِ أبيٍّ، وأبيّ يقول: أخذته من في رسول الله ، فلا أتركه لشيء قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] (٢٠١).

وهذا يدل على أن الرجل الكبير قد يقول الشيء يظنه صوابًا وهو خطأ في نفس الأمر؛ ولهذا قال الإمام مالك: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله وورد إلا قول صاحب هذا القبر، أي: فكله مقبول، صلوات الله وسلامه عليه. ثم ذكر البخاري فضل فاتحة الكتاب وغيرها، وسنذكر فضل كل سورة عندها ليكون ذلك أنسب. ثم قال:

نزول السكينة والملائكة عند القراءة

وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أسيد بن الحضير قال: بينا هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما وراها، فلما أصبح حدث النبي فقال: "اقرأ يا بن حضير، اقرأ يا بن حضير". قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظُّلَّة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: "أو تدري ما ذاك؟ " قال: لا، قال: "تلك الملائكة دَنَتْ لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم". قال ابن الهاد: وحدثني هذا الحديث عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري عن


(٢٠٠) - رواه النسائي في الكبرى برقم (٨٠٦٤)، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: في كم يستحب يختم القرآن برقم (١٣٤٦)، وأحمد (٢/ ١٦٣)، وعبد الرزاق (٥٩٥٦)، وابن حبان (٧٥٦، ٧٥٧ إحسان)، والفريابي في الفضائل (١٢٧)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٨٥). ويحيى بن حكيم بن صفوان: قال في التقريب: مقبول -أي عند المتابعة -.
(٢٠١) - البخاري في فضائل القرآن، باب: القراء من أصحاب رسول الله برقم (٥٠٠٥).