للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الليث] [١] بن أبي سليم، عن مجاهد أنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحر، وإحصان العبد أن ينكح الحرة. وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس رواهما ابن [٢] جرير في تفسيره. وذكره ابن أبي حاتم، عن الشعبي والنخعي (٢٥١).

[وقيل: معنى القراءتين متباين] [٣]. فمن قرأ ﴿أُحْصِنَّ﴾ بضم الهمزة فمراده التزويج، ومن قرأ (أحْصَن) [٤] بفتحها فمراده الإسلام، اختاره الإمام [٥] أبو جعفر بن جرير في تفسيره وقرره ونصره.

والأظهر -والله أعلم- أن المراد بالإحصان هاهنا التزويج، لأن سياق الآية يدل عليه، حيث يقول : ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ والله أعلم. والآية الكريمة سياقها كلها في الفتيات المؤمنات، فتعين أن المراد بقوله: ﴿فإذا أحصنّ﴾ أي: تزوّجن، كما فسره ابن عباس [ومن تبعه] [٦].

وعلى كل من القولين إشكال على مذهب الجمهور، وذلك أنهم يقولون: إن الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدة، سواء كانت مسلمة أو كافرة، مزوجة أو بكرا، مع أن مفهوم الآية يقتضي أنه لا حدّ على غير المحصنة ممن زنا من الإماء. وقد اختلفت أجوبتهم عن ذلك، فأما الجمهور فقالوا: لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم. وقد وردت أحاديث عامة في إقامة الحد على الإِماء، فقدمناها على مفهوم الآية. فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه (٢٥٢)، عن علي ، أنه خطب فقال: يا أيها الناس أقيموا الحد على أرقائكم من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإن أمة لرسول الله زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث [٧] عهد بنفاس، فخشيت أن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي فقال: "أحسنت، اتركها حتى تتماثل"، وعند عبد الله بن أحمد عن غير أبيه: "فإذا تعالت (*) من نفاسها فاجلدها [٨] خمسين" (٢٥٣).


(٢٥١) - تفسير ابن جرير (٨/ ٢٠١، ٢٠٢) (٩١٠٠) (٩١٠٣)، وتفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٩٢٣).
(٢٥٢) - صحيح مسلم، كتاب الحدود (١٧٠٥).
(*) - أي ارتفعت وطهرت. النهاية (٣/ ٢٩٣).
(٢٥٣) - المسند (١/ ١٣٦) (١١٤٢) من زيادات عبد الله بن أحمد على المسند عن محمد بن بكار =