للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

، فأما قبل الإحصان فله ذلك، والحد في كلا الموضعين نصف حد الحرة، وهذا أيضًا بعيد؛ لأنه ليس في الآية ما يدل عليه.

ولولا هذه لم ندر ما حكم الإماء في التنصيف، ولوجب دخولهنّ في عموم الآية في تكميل الحد مائة أو رجمهن، كما ثبت في الدليل عليه، وقد تقدم عن علي أنه قال: أيها الناس أقيموا الحد على أرقائكم، من أحصن منهم ومن لم يحصن (٢٦٥). وعموم الأحاديث المتقدمة ليس فيها تفصيل بين المزوجة وغيرها لحديث أبي هريرة الذي احتج به الجمهور: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها" (٢٦٦).

ملخص الآية أنها إذا زنت أقوال. أحدها: تجلد خمسين قبل الإحصان وبعده، وهل تنفى؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تنفى عنه. والثاني: لا تنفى عنه مطلقًا. والثالث: أنها تنفى نصف سنة وهو نصف نفي الحرّة. وهذا الخلاف في مذهب الشافعي، وأما أبو حنيفة فعنده أن النفي تعزير ليس من تمام الحدّ، وإنما هو رأي الإمام إن شاء فعله، وإن شاء تركه في حق الرجال والنساء. وعند مالك: أن النفي إنما هو على الرجال، وأما النساء فلا، لأن ذلك مضاد لصيانتهنّ. وما ورد شيء من النفي في الرجال ولا في النساء. نعم حديث عبادة وحديث أبي هريرة أن رسول الله قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحدّ عليه، رواه البخاري (٢٦٧). وذلك مخصوص بالمعنى، وهو أن المقصود من النفي الصون وذلك مفقود في نفي النساء، والله أعلم.

والثاني: أن الأمة إذا زنت تجلد خمسين بعد الإحصان وتضرب تأديبًا غير محدود بعدد محصور. وقد تقدم ما رواه ابن جرير، عن سعيد بن جبير: أنها لا تضرب قبل الإحصان، وإن أراد نفيه فيكون مذهبًا بالتأويل. وإلا فهو كالقول الثاني. القول الآخر: أنها تجلد قبل الإحصان مائة وبعده خمسين، كما هو المشهور عن داود، وهو [١] أضعف الأقوال، أنها تجلد قبل الإِحصان خمسين وترجم بعده وهو قول أبي ثور، وهو ضعيف أيضًا،


(٢٦٥) - سبق تخريجه. انظر هامش (٢٥٢).
(٢٦٦) - سبق تخريجه. انظر هامش (٢٥٤).
(٢٦٧) - في صحيحه، كتاب الحدود، باب: البكران يجلدان وينفيان (٦٨٣٣) من حديث أبي هريرة. وأيضًا (٦٨٣١) من حديث زيد بن خالد الجهني .
ورواه مسلم في كتاب الحدود (١٦٩٠) من حديث عبادة بن الصامت .