للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو صالح وقتادة يزيد بن أسلم والسدي والضَّحَّاك ومقاتل بن حيان وغيرهم في قوله: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ أي: ورثة. وعن ابن عباس في رواية: أي: عصبة. قال ابن جرير: والعرب تسمي ابن العم مولى، كما قال الفضل بن عباس:

مهلا بني [عمنا مهلا] [١] موالينا … لا تظهرن لنا ما كان مدفونا

قال: ويعني بقوله ﴿مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ من تركة والديه وأقربيه من الميراث، فتأويل الكلام: ولكلكم أيها النَّاس جعلنا عصبة يرثونه مما ترك والداه وأقربوه من ميراثهم له.

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ أي: والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم، قآتوهم نصيبهم من الميراث، كما وعدتموهم في الإيمان المغلظة، إن الله شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات، وقد كان هذا في ابتداء الإِسلام، ثم نسخ بعد ذلك، وأمروا أن يوفوا لمن عاقدوا ولا ينشئوا بعد نزول هذه الآية معاقدة.

قال البُخاريّ (٣٥٧): حدّثنا الصلت بن محمَّد، حدّثنا أبو إسامة، عن إدريس، عن طلحة ابن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ قال: ورثة. ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوّة التي آخى النَّبيُّ بينهم، فلما نزلت: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ﴾ نسخت ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث، ويوصي له.

ثم قال البُخاريّ: سمع أبو أسامة إدريس، وسمع إدريس من [٢] طلحة.

وقال ابن أبي حاتم (٣٥٨): حدّثنا أبو سعيد الأشج، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا إدريس


(٣٥٧) - صحيح البُخاريّ، كتاب التفسير، باب: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ (٤٥٨٠) وكتاب الكفالة (٢٢٩٢) وأخرجه أيضاً، كتاب الفرائض، باب: ذوي الأرحام (٦٧٤٧) حدثني إسحاق بن إبراهيم وأبو داود، كتاب الفرائض، باب: نسخ ميراث العقد بميراث الرحم (٢٩٢٢) والنَّسائيُّ في "التفسير" من "الكبرى" (٦/ ١١٠٣) - ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص ٣٣١) - ثنا هارون بن عبد الله، كلاهما (إسحاق وهارون) نا أبو أسامة به نحوه وانظر ما بعده.
(٣٥٨) - تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٥٢٣٦) وأخرجه ابن جرير (٨/ ٩٢٧٥، ٩٢٧٧) ثنا أبو كريب، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٠٦) من طريق أبي جعفر أحمد بن عبد الحميد الحارثي، والبيهقيّ في =