للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البخل" (٤٢٣). وقال: "إياكم والشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا" (٤٢٤).

وقوله تعالى: ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ فالبخيل جحود لنعمة الله عليه لا تظهر عليه، ولا تبين، لا في مأكله [١]، ولا في ملبسه، ولا في إعطائه وبذله، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ أي: بحاله وشمائله ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ وقال هاهنا: ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ ولهذا توعدهم بقوله: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ والكفر: هو الستر والتغطية، فالبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها ويجحدها، فهو كافر لنعم الله عليه.

وفي الحديث (٤٢٥): " إن الله إذا أنعم نعمة على عبد أحب أن يظهر أثرها علية". وفي


(٤٢٣) - ورد من حديث كعب بن مالك فأخرجه الطبرانى فى "المعجم الكبير" (١٩/ رقم ١٦٣) - وعنه أبو نعيم فى "المعرفة" (٣/ ١١٤٨) - ثنا جعفر بن سليمان النوفلى، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى، ثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن النبى قال: "من سيدكم يا بنى سلمة؟ " قالوا: الجد بن قيس على أنا نزنه ببخل، فقال: "وأى داء أدوأ من البخل؟ " قالوا: فمن سيدنا يا رسول الله؟ قال: "بشر بن البراء بن معرور" وأخرجه ابن حجر فى "تغليق التعليق" (٣/ ٣٤٧) من طريق ابن منده، أنا عبد الله بن جعفر القارئ ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا عبد العزيز الأويسى ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب به. وقد علق البخاري فى صحيحه قوله: "من سيدكم" قال ابن حجر فى "الفتح" (٥/ ١٨٧، ١٧٩): "روى ابن منده وأبو الشيخ فى "الأمثال" والوليد بن أبان فى "كتاب الجود" له من حديث كعب بن مالك … ورجال هذا الإسناد ثقات إلا أنه اختلف فى وصله وإرساله على الزهرى" ويبدو أنه رجح الوصل فجزم بصحة إسناده فى "التغليق" وجاء أيضًا من حديث جابر بن عبد الله عند البخارى فى "الأدب المفرد" (٢٩٦) وغيره غير أنه قال فيه: "سيدكم عمرو بن الجموح" بدل "البراء بن معرور" وإسناد البخارى جيّد وصححه الألبانى فأودعه فى "صحيح الأدب المفرد" (٢٢٧) ورواه أيضًا من حديث أبى هريرة صححه الحاكم على شرط مسلم (٣/ ٢١٩)، (٤/ ١٦٣) ولكن أعله الدارقطنى فى "العلل" (٨/ س ١٣٩٩) بالإرسال (وانظر سورة التوبة/ آية ٤٩).
(٤٢٤) - يأتى تخريجه سورة الإسراء/ آية ٢٩.
(٤٢٥) - أخرجه أحمد (٣/ ٤٧٣)، والطبرانى فى "المعجم الكبير" (١٩/ رقم ٦٢٣) من حديث مالك بن نضلة الجشمى وإسناده صحيح على شرط مسلم وصححه ابن حبان (١٢/ ٥٤١٧) وانظر ما يأتى سورة يونس/ آية ٥٩ - وفى الباب: عن عبد الله بن عمرو عند الترمذي (٢٨١٩) وقال: "حديث حسن" وانظر "الصحيحة" للألبانى (٣/ ١٢٩٠، ١٣٢٠).