للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعاء النبوي: "واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك [١] قابليها -[ويروى: قائليها] [٢] وأتممها علينا" (٤٢٦).

وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود، بإظهار العلم الذي عندهم من صفة محمد وكتمانهم ذلك، ولهذا قال تعالى: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾. رواه ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وقاله مجاهد وغير واحد.

ولا شك أن الآية محتملة لذلك، والظاهر أن السياق في البخل بالمال، وإن كان البخل بالعلم داخلا [٣] في ذلك بطريق الأولى، فإن سياق الكلام في الإِنفاق على الأقارب والضعفاء، وكذلك [٤] الآية التي بعدها، وهي قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ﴾ فإنه ذكر الممسكين المذمومين وهم البخلاء، ثم ذكر الباذلين المرائين، الذين يقصدون بإعطائهم


(٤٢٦) - أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب: من ذكر التورك فى الرابعة (٩٦٩) والحاكم فى "المستدرك" (١/ ٢٦٥) من طريق إسحاق بن يوسف، والبزار فى مسنده "البحر الزخار" (٥/ ١٧٤٥) والطبرانى فى "المعجم الكبير" (١٠/ ١٠٤٢٦) - ومن طريقه وطرق أخرى أبو نعيم فى "الحلية" (٤/ ١١٠) - من طريق على بن حكيم الأودى وابن حبان فى صحيحه (٣/ ٩٩٦) من طريق يعقوب بن إبراهيم، ثلاثتهم (إسحاق وعلى ويعقوب) ثنا شريك عن جامع بن أبى راشد -تحرف عند أبى داود وابن حبان إلى "جامع بن شداد" وأثبته على الصواب محقق "موارد الظمآن" (٨/ رقم ٢٤٢٩) وانظر "تحفة الأشراف" (٧/ ٩٢٣٩) - عن أبى وائل عن عبد الله مرفوعًا به ضمن حديث طويل وقال أبو نعيم: "غريب من حديث جامع، تفرد به على عن شريك" وهذا مردود فإن عليًّا متابع كما ترى وأضبط منه قول البزار عقبه: "وهذا الحديث بهذا اللفظ، لا نعلم رواه إلا جامع بن أبى راشد عن أبى وائل عن عبد الله" وجامع وأبو وائل ثقات أثبات ولذا صححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبى وذكره الهيثمى فى "المجمع" (١٠/ ١٨٢) -وهو على غير شرطه- وقال: "رواه الطبرانى فى "الكبير" و "الأوسط" وإسناد الكبير جيد" غير أن شريك بن عبد الله سيئ الحفظ لكنه توبع فأخرجه الحاكم أيضًا من طريق محمد بن جرير الطبرى ثنا عثمان بن يحيى القوفسانى، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد ثنا ابن جريج عن جامع به، وإسناده حسن لولا عنعنة ابن جريج، وأخرجه الطبرانى فى "الأوسط" (٦/ ٥٧٦٩) من طريق الوليد بن القاسم، نا داود بن يزيد الأودى، عن شقيق بن سلمة أبى وائل به نحوه، وقال: "لم يرو هذا الحديث عن داود الأودى إلا الوليد بن القاسم" وهو صدوق يخطئ "كما فى التقريب" لكن شيخه ضعيف، فالمعتمد الإسناد الأول وبالله التوفيق.
تنبيه: أورد السيوطى هذا الحديث فى "الجامع الصغير" ورمز لحسنه بمد أن عزاه إلى الطبرانى والحاكم،