للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرجه النسائي من طرق أخر عن طلحة (٢٤٩)، وهذا إسناد جيد.

وقد وثق النسائي، وابن حبان عبد الرحمن بن عوسجة هذا، ونقل الأزدي عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه (٢٥٠).

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: نهاني أيوب أن أحدث بهذا الحديث: "زينوا القرآن بأصواتكم" قال أبو عبيد: وإنما كره أيوب فيما نرى، أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله في الألحان المبتدعة، فلهذا نهاه أن يحدث به (٢٥١).

قلت: ثم إن شعبة روى الحديث متوكلا على الله، كما رُوي له، ولو ترك كل حديث يتأوله مبطل لترك من السنة شيء كثير، بل قد تطرقوا إلى تأويل آيات كثيرة من القرآن وحملوها على غير محاملها الشرعية المرادة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به، كما رواه الحافظ الكبير بَقِيّ بن مَخْلَد ، حيث قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: قال لي رسول الله : "لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحه". قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.

ورواه مسلم من حديث طلحة به وزاد: "لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود" (٢٥٢).

وسيأتي هذا في بابه حيث يذكره البخاري، والغرض أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبّرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه، وقد كان أبو موسى كما قال، ، قد أعطى صوتًا حسنا كما سنذكره إن شاء الله، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة، فدل على أن هذا من الأمور الشرعية.

قال أبو عبيد (٢٥٣): حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن


(٢٤٩) - النسائي ١٠١٥ - (٢/ ١٧٩).
(٢٥٠) - وانظر تهذيب التهذيب (٢/ ٥٤٠ ط الرسالة).
(٢٥١) - فضائل القرآن (ص ١٦٧).
(٢٥٢) - رواه مسلم في صلاة المسافرين برقم ٢٣٥، ٢٣٦ - (٧٩٣).
(٢٥٣) - فضائل القرآن (ص ١٦٣)، ورواه الدارمي (٢/ ٣٣٩)، وابن سعد (٦/ ١٠٤)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٥٨)، والطحاوي في المشكل (٢/ ١٦١)، وعبد الرزاق (٢/ ٤١٧٩، ٤١٨٠، ٤١٨١) =