وقد ورد في الحديث ما هو أبلغ من هذا، فقال الإِمام أحمد (٥٥٧)، حدثنا وكيع، حدثنا أبو يحيى الطويل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبى ﷺ قال:"يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعًا، وإن ضرسه مثل أحد".
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقيل: المراد بقوله: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ أي: سرابيلهم. حكاه ابن جرير، وهو ضعيف؛ لأنه خلاف الظاهر.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ هذا إخبار عن مآل السعداء في جنات عدن التى [تجري فيها][١] الأنهار في جميع فجاجها، ومحالها [٢] وأرجائها حيث شاءوا، وأين أرادوا، وهم خالدون فيها أبدًا، لا يحولون ولا يزولون، ولا يبغون عنها حولًا.
وقوله: ﴿لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ أي: من الحيض والنفاس والأذى [والأخلاق الرذيلة، والصفات الناقصة. كما قال ابن عباس: مطهرة من الأقذار والأذى][٣]. وكذا قال عطاء والحسن والضحاك والنخعي وأبو صالح وعطية والسدي.
(٥٥٧) - " المسند" (٢/ ٢٦) (رقم ٤٨٠٠/ شاكر) ورواه ابن أبى شيبة فى "المصنف" (٨/ ٩٧) ثنا وكيع له، والطبرانى فى "المعجم الكبير" (١٢/ ١٣٤٨٢) وفى "الأوسط" (٣/ ٢٤١٠) من طرق عن عمران ابن زيد التغلبى أبى يحيى الطويل به، وقال: "لم يرو هذا الحديث عن أبى يحيى إلا عمران" وهو وشيخه "لين الحديث" كما فى "التقريب" وأعل الهيثمى الحديث بالأول؛ فقال فى "المجمع" (١٠/ ٣٩٤): "رواه أحمد والطبرانى فى "الكبير" و"الأوسط" وفى أسانيدهم أبو يحيى القتات، وهو ضعيف وفيه خلاف، وبقية رجاله أوثق منه" ومع هذا فقد رمز لحسنه السيوطى فى "الجامع الصغير" ولم يعزه لغير الطبرانى فى "الأوسط" وقصر أيضًا فى عزوه فى "الدر المنثور" (٢/ ٣١١) فلم يعزه لغير ابن أبى شيية. قال المناوى فى "فيض القدير" (٢/ ٤٣٨): "كأنه أغفل عزوه لأحمد ذهولاً، لا لقولهم: إن الحديث إذا كان فى مسند أحمد لم يعزه لغيره، وغفل المنذرى فى "الترغيب والترهيب" (٤/ ٤٨٤) فجعله من مسند عبد الله بن عمرو وقال: "رواه أحمد والطبرانى فى "الكبير" و "الأوسط" وإسناده قريب من الحسن"!! ولبعضه شاهد من حديث أبى سعيد وأبى هريرة، قد خرجتهما فى "مسند أحمد" الجزء الأول من الثالث حديث رقم ١١٢٤٨) وبالله التوفيق.