للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال المقضي عليه: لا أرضى فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق. فذهبا اليه، فقال الذي قضى له: قد اختصمنا إلى النبي فقضى لي. فقال أبو بكر: أنتما [١] على ما قضى به رسول الله . فأبى صاحبه أن يرضى، فقال: نأتي عمر بن الخطاب، فأتياه. فقال المقضي له [٢]: قد اختصمنا إلى النبي فقضى لي عليه، فأبى أن يرضى، فسأله عمر بن الخطاب فقال: كذلك، فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده قد سله فضرب به رأس الذى أبى أن يرضى فقتله، فأنزل الله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ الآية.

﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)

يخبر تعالى عن أكثر الناس أنهم لو أمروا بما هم مرتكبونه من المناهي لما فعلوه؛ لأن طباعهم الرديئة مجبولة على مخالفة الأمر، وهذا من علمه بما لم يكن أو كان فكيف كان يكون، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾.

قال ابن جرير [٣] (٥٩٦): حدثني المثنى، حدثنى إسحاق حدثنا أبو زهير [٤]، عن إسماعيل، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ الآية؛ قال رجل: لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي ، فقال: "إن من أمتي لرجالًا الإِيمان أثبت في قلوبهم من


(٥٩٦) - تفسير ابن جرير (٨/ ٩٩٢١) ولم يعزه السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٣٢٤) لغيره، وهو مرسل.