ابن عبد الله المزني، أخبرنا على بن محمد بن عيسى، أنبأنا أبو اليمان، أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: أن السنة في هاتين الآيتين اللتين ذكر الله فيهما نشوز المرء وإعراضه عن امرأته في قوله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ إلى تمام الآيتين [١] أن المرء [٢] إذا نشز عن امرأته وآثر عليها؛ فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها، أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه، [فإن استقرت عنده على ذلك، فكرهت أن يطلقها، فلا حرج عليه فيما آثر عليها من ذلك، فإن لم يعرض عليها الطلاق وصالحها على أن يعطها من ماله ما ترضاه وتقر عنده على الأثر في القسم من ماله ونفسه][٣] صلح له ذلك، وجاز [٤] صلحها عليه. كذلك ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله ﷿: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ وقد ذكر لي أن رافع بن خديج الأنصاري، وكان من أصحاب النبي، ﷺ، كانت عنده امرأة حتى إذا كبرت تزوَّج عليها فتاة شابة، وآثر عليها الشابة، فناشدته الطلاق فطلقها تطليقة، ثم أمهلها [٥]، حتى إذا كادت تحل راجعها، [ثم عاد فآثر][٦][عليها الشابة فناشدته الطلاق][٧][فطلقها تطليقة أخرى ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها [٨]، [ثم عاد فآثر الشابة عيها فناشدته الطلاق][٩] فقال لها: ما شئت إنما بقيت لك تطليقة واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين [١٠] من الأثرة، وإن شئت فارقتك، فقالت: لا بل أستقرّ على الأثرة. فأمسكها على ذلك، فكان ذلك صلحهما، ولم ير رافع عليه إثمًا [١١] حين رضيت أن تستقرّ عنده على الأثرة، فيما آثر به عليها.
وهكذا [١٢] رواه بتمامه عبد الرحمن بن أبي حاتم: عن أبيه، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، فذكره بطوله، والله أعلم.