للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ قال على بن أبي طلحة (٨٥٨) عن ابن عباس: يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإِقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها.

والظاهر من الآية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج، وقبول الزوج ذلك خير من المفارقة بالكلية كما أمسك النبي، ، سودة بنت زمعة على أن تركت يومها لعائشة، ، ولم يفارقها بل تركها من جملة نسائه، وفعله ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية [١] ذلك وجوازه، فهو أفضل في حقه، ، لما كان الوفاق أحب إلى الله من الفراق؛ قال: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾، بل الطلاق بغيض إليه ، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجة جميعًا (٨٥٩) عن كثير ابن عبيد، عن محمد بن خالد، عن معرِّف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن عبد الله ابن عمر؛ قال: قال رسول الله، : "أبغض الحلال إلى الله الطلاق".

ثم رواه أبو داود: عن أحمد بن يونس، عن معرِّف [٢]، عن محارب قال: قال رسول الله، ،. . . فذكر معناه مرسلًا.

وقوله: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾: وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما [٣] تكرهون منهن، وتقسموا لهنّ أسوة أمثالهن فإنّ الله عالم بذلك، وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء.

وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ أي: لن [٤] تستطيعوا أيها الناس، أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن حصل [٥] القسم الصوري: ليلة وليلة، فلابد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع، كما قاله ابن عباس وعبيدة السلمانى ومجاهد والحسن البصري والضحاك بن مزاحم.


(٨٥٨) - رواه ابن جرير (٩/ ١٠٥٨٧) مطولًا.
(٨٥٩) - " السنن" لأبي داود، كتاب: النكاح، باب: فى كراهية الطلاق (٢١٧٧، ٢١٧٨)، ورواه ابن ماجه (٢٠١٨) ثنا كثير بن عبيد ثنا محمد بن خالد عن عبيد الله بن الوليد الوَصَّافى عن محارب به، وفيه خلاف على وصله وإرساله، والراجح فيه الإرسال وقد حرر ذلك أبو عبد الرحمن الألبانى فانظر "الإرواء" (٧/ ٢٠٤٠).