للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الأجزاء من الشحم وغيره.

وفي الصحيحين أن رسول الله قال: "إِن الله حرم بيع الحمر والميتة والخنزير والأصنام". فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: "لا هو حرام" (٤٧).

وصحيح البخاري من حديث أبي سفيان، أنه قال لهرقل ملك الروم: نهانا عن الميتة والدم (٤٨).

وقوله: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ أي: ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله، فهو حرام؛ لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم، فمتى عدل بها عن ذلك، وذكر عليها اسم غيره، من صنم أو طاغوت أو وثن أو غير ذلك من سائر الخلوقات، فإنها حرام بالإِجماع. وإنما اختلف العلماء في المتروك التسمية عليه إِما عمدًا، أو نسيانًا، كما سيأتي تقريره في سورة الأنعام.

وقد قال ابن أبي حاتم (٤٩): حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني [١]، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا ابن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: نزل آدم بتحريم أربع: الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، واِن هذه الأربعة أشياء لم تحل قط، ولم تزل حرامًا منذ خلق


(٤٧) - أخرجه البخاري كاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام الحديث (٢٢٣٦)، ومسلم كتاب البيوع، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام الحديث (٧١/ ١٥٨١) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن عطء بن أبي رباح عن جابر به، وزادا فيه ثم قال: قاتل الله اليهود إن الله ﷿ لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه" وهو عند البخاري فى المغازي الحديث (٤٢٩٦) من نفس الطريق مختصرًا بلفظ: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر" ثم خرج البخاري الزيادة وحدها في كتاب التفسير، باب: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ … ﴾ الآية، الحديث (٤٦٣٣).
(٤٨) - لم أقف عليه في صحيح البخاري.
(٤٩) - أبو الطفيل هو عامر بن واثلة، والوليد بن جميع هو الوليد بن عبد الله بن جميع روى له مسلم في صحيحه، والبخاري في الأدب المفرد وقال الحافظ في التقريب: صدوق يهم، وابن فضيل هو محمد بن فضيل بن غزوان من رجال الشيخين، ونعيم بن حماد روى عنه البخاري مقرونًا، وروى له مسلم في مقدمة كتابه وأبو داود والترمذي وابن ماجة لكن ضعفه النسائي وغيره وقد لخص ابن حجر حاله في التقرب فقال: صدوق يخطئ كثيرًا فقيه عارف بالفرائض … تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال: باقي حديثه مستقيم. وأما علي بن الحسن الهسنجاني شيخ ابن أبي حاتم فقد ترجم هو له في الجرح والتعديل (٣/ ١٨١) فقال: كتبنا عنه وهو ثقة صدوق. والأثر لم أقف عليه في غير هذا الموضع.