للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحوه، فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه والحالة هذه؛ لا يخشى أنه إِنما أمسك على نفسه، بخلاف ما إِذا أكل [١] منه أول وهلة، فإِنه يظهر منه أنه أمسك على نفسه، والله أعلم.

فأما الجوارح من الصيد، فنص الشافعي على أنها كالكلب [٢]، فيحرم ما أكلت منه عند الجمهور، ولا يحرم عند الآخرين، واختار المزني من أصحابنا أنه لا يحرم أكْلُ ما أكلتْ منه الطور والجوارح، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، قالوا: لأنه لا يمكن تعليمها كما يعلم الكلب بالضرب ونحوه. وأيضًا فإِنها لا تعلم إِلا بأكلها من الصيد، فيعفى عن ذلك، وأيضًا فالنص إِنما ورد في الكلب لا في الطير، وقال الشيخ أبو على في الإِفصاح: إِذا قلنا يحرم ما أكل منه الكلب، ففي تحريم ما أكل منه الطير وجهان. وأنكر القاضي أبو الطيب هذا التفريع والترتيب؛ لنص الشافعي على التسوية بينهما، والله أعلم.

وأما المتردّية: فهي التي تقع من شاهق، أو موضع عال، فتموت بذلك، فلا تحل.

قال على بن أبي طلحة، عن ابن عباس (٦٥): المتردّية التي تسقط من جبل. وقال قتادة (٦٦): هي التي تتردّى في بئر.


= ابن معين والنسائي، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٧/ الترجمة ١٣٦٧) سألت أبي عن محمد ابن دينار الطاحي فقال: لا بأس به، وسئل أبو زرعة عن محمد بن دينار بن صندل فقال: صدوق. ولخص الحافظ حاله في "التقريب" فقال: صدوق سيئ الحفظ ورمي بالقدر. وبقية إسناده ثقات. وقال ابن جرير: "قيل: هذا خبر في إسناده نظر فإن "سعيدًا" غير معلوم له سماع من "سلمان" والثقات من أهل الآثار يقفون هذا الكلام على سلمان، ويروونه عنه من قبله غير مرفوع إلى النبي والحفاظ الثقات إذا تتابعوا على نقل شيء بصفة فخالفهم واحد منفرد ليس له حفظهم، كانت الجماعة الأثبات أحق بصحة ما نفلوا من الفرد الذي ليس له حفظهم. ا هـ.
وله طريق أخرى عن سعيد عند أبي نعيم في الحلية (٨/ ١٣٧ - ١٣٨) لكنها ضعيفة أيضًا. وقد رواه ابن جرير في تفسيره (١١١٨٧)، (١١١٨٨) (١١١٨٩)، (١١١٩٠)، (١١١٩١)، (١١١٩٣)، (١١١٩٤) من طرق عن سلمان موقوفًا عليه وهو الصواب، والله أعلم.
والحديث سينقله المصنف مرة أخرى بمتنه وإسناده، انظر رقم (١٣٨).
(٦٥) - أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ٤٩٨) (١١٠١٥) وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد.
(٦٦) - أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ٤٩٨) (١١٠١٧).