للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال السدي (٦٧): هي التي تقع من جبل، أو تتردّي في بئر] [١].

وأما النطحة: فهي [٢] التي ماتت بسبب نطح غيرها لها، فهي حرام، وإِن جرحها القرن، وخرج منها الدم، ولو من مذبحها.

والنطيحة فعيلة بمعنى مفعولة، أي منطوحة، وأكثر ما ترد هذه البنية في كلام العرب بدون تاء التأنيث، فيقولون: [عين كحيل، وكف [٣] خضيب] [٤]، ولا يقولون: كف خضيبة، ولا عين كحيلة، وأما هذه فقال بعض النحاة: إِنما استعمل فيها تاء التأنيث لأنها أجريت مجرى الأسماء، كما في قولهم: طريقة طويلة، وقال بعضهم: إِنما أُتي بتاء التأنيث فيها؛ لتدل على التأنيث من أوّل وهلة، بخلاف، عين كحيل، وكف خضيب؛ لأن التأنيث مستفاد من أوّل الكلام.

وقوله تعالى: ﴿وما أكل السبع﴾ أي: ما عدا عليها أسد أو فهد أو نمر أو ذئب أو كلب؛ فأكل بعضها فماتت بذلك، فهي حرام؛ وإن كان قد سال منها الدم [٥]، ولو من مذبحها، فلا تحل بالإِجماع، وقد كان أهل الجاهلية يأكلون ما أفضل السبع من الشاة، أو البعير أو البقرة ونحو ذلك، فحرّم الله ذلك على المؤمنين.

وقوله: ﴿إِلا ما ذكيتم﴾ عائد على ما يمكن عوده عليه مما انعقد سبب موته، فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرّة، وذلك إِنما يعود على قوله: ﴿والمنخنقة والموقوذة والمتردّية والنطيحة وما أكل السبع﴾.

وقال على بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلا ما ذكيتم﴾ يقول: إِلا ما ذبحتم من هؤلاء، وفيه روح، فكلوه، فهو ذكي. وكذا روي عن سعيد بن جبير والحسن البصري والسدي.

وقال ابن أبي حاتم (٦٨): حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا جعفر بن


(٦٧) - أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ٤٩٨) (١١٠١٨).
(٦٨) - أبو سعيد الأشج هو عبد الله بن سعيد بن حصين إمام ثقة. والأثر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٤/ ٤٩٩) (٨٦٣٤) عن الأسلمي عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: وذكره ابن جريج عن جعفر =